أبعاد اجتماعية لأدب المقاومة
أبعاد اجتماعية لأدب المقاومة
امتاز أدب المقاومة الفلسطينية بتناوله عدة أبعاد وقضايا مختلفة أثر فيها وتأثر بها، حيث أدرك الأدباء بوقت مبكر الترابط العضوي بين قضية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وبين باقي قضايا التحرُّر في البلاد العربية وفي العالم، وقد أسهم الاعتماد على الإذاعات العربية في تبلور أبعاد أدب المقاومة، حيث بددت الوحشة على العربي في إسرائيل، وخففت من وطأة العزلة المفروضة عليهم، فكانت حلقة الوصل بين الفلسطينيين وما حُجب عنهم من إنتاج أدبي وثقافي، والالتزام بالقضية الوطنية كان كالإطار الذي استطاع أن يقود أدب المقاومة نحو مسؤوليات دون أن يفقد أيَّ بُعد من أبعاده.
وظهر البعد الاجتماعي جليًّا في تفكير الأدباء والمثقفين، إذ تجد أغلبهم منتسبين إلى الحركة الوطنية بصورة أو بأخرى، ويناضلون بشدة بين صفوفها حيث ظهر إدراك متزايد للوجه الاجتماعي في حركة المقاومة وانعكس ذلك بصورة خاصة على القصص القصيرة التي تعاملت مع قضايا التقاليد القديمة ورفضتها في سبيل تجديد دماء المجتمع العربي مثل قصة “رياض يعود إلى بيته” لـ “عطا الله منصور”، كما انعكست أيضًا في شعر الشعراء مثل قصيدة “إرم” لـ “سميح القاسم” حتى وصل الأمر إلى الارتباط بآفاق التحدي المختلفة التي تواجه المواطن العربي في الأرض المحتلة، ومن أكثر الشعراء الذين ركزوا على الجانب الاجتماعي القاسم والدرويش وفهد أبو خضرة، فقد أدركوا أهمية دور كلماتهم وعبروا بها عن موقفهم بكل شجاعة، واضعين أمام أعينهم أن نظرية الالتزام ليست نظرية مجردة.
أما الالتزام بالبعد العالمي للمعركة فكان من مميزات شعر المقاومة، إذ أغناه وأعطاه معنًى وحافزًا وعمقًا، عكس العديد من التجارِب التي حدثت في أغلب البلدان، فنجد عدة قصائد لـ”سميح القاسم” يتحدث فيها عن زنوج أمريكا وفيدل كاسترو وثوار الفيتكونغ، كما كتبوا قصائد بإخلاص وعمق وتلقائية لجميع ثورات العالم، مما نمى البعد الإنساني في أدب المقاومة ووضعه في مكانه الصحيح.
وبسبب طبيعة القضية الفلسطينية التي تضعها في وسط التفاعلات العربية كان شعر المقاومة هو الناطق الرسمي والمؤرخ للوطن العربي، حيث لم يكن بالإمكان مرور أي حدث عربي من دون أن يؤرخ، فكتبوا عن العدوان الثلاثي على مصر وثورات الجزائر واليمن وفترة بناء السد العالي كما في قصيدة “بطاقة إلى الأسطى سيد” لسميح القاسم.
الفكرة من كتاب الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948 – 1968
قلما تجد شاعرًا عربيًّا غابت القدس أو القضية الفلسطينية عن أعماله، وقد كانت القضية الفلسطينية -وما زالت- مصدرَ إلهامٍ لكثير من الأدباء والشعراء في مختلف الأزمان والعصور.
ويُعدُّ هذا الكتاب -الذي بين أيدينا- دراسة أدبية تحليلية لأدب المقاومة الفلسطيني تحت الاحتلال منذ النكبة وحتى عام 1968، وهو من أوَّل الكتب التي اهتمت بتعقُّب واستقصاء وتأريخ تلك الفترة، حيث يستعرض غسان كنفاني الصعوبات التي واجهها الأدباء والمثقفون في ظل تلك الظروف القاسية، وكيف أن الحصار لم يزدهم إلا تشبثًا بهويتهم وبتراثهم العربي الأصيل، مُسلطًا الضوء على مساوئ الاحتلال وجرائمه في حق التراث الإسلامي الفلسطيني.
فهيَّا بنا نتعرف على الوضع الثقافي بفلسطين المحتلة خلال تلك السنوات!!
مؤلف كتاب الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948 – 1968
غسان كنفاني (1936 -1972): روائي، وقاص، وصحفي فلسطيني، ويعدُّ أحد أشهر الكُتَّاب والصحفيين في القرن العشرين. اهتم بالكتابة على نحو خاص بمواضيع التحرُّر الفلسطيني، كما كان عضوًا بالمكتب السياسي “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، ولا يخفى على أحد أنه أوَّل من تحدث عن شعراء المقاومة وأشعارهم ونشر عنهم بالعالم العربي، ولم تخل أي مقالة كتبها من معلومات عن شعراء الأرض المحتلة.
من أبرز مؤلفاته: “عالم ليس لنا”، و”أرض البرتقال الحزين”، و”عائد إلى حيفا”، و”جسر إلى الأبد”، و”رجال في الشمس”، و”ما تبقى لكم” و”القميص المسروق”.