أبطال السد العالي
أبطال السد العالي
تخرَّج صدقي سليمان كضابط مهندس، ومرَّ بعدها بمسميات وظيفية مهمة عديدة متنقِّلًا بين مشروع قومي وآخر وفلسفته الثابتة هي الصمت المؤثر، لهذا السبب اختاره الرئيس عبد الناصر لرئاسة وزارة السد العالي، وذلك حينما فتر العمل على السد ولم تكن خطة العمل القائمة تبشِّر بإنهاء تحويل مجرى السد في الموعد المحدَّد، ما سيؤدِّي إلى أن يجرف الفيضان المتوقَّع كل الجهود المبذولة قبله، وبالتالي ستتعرَّض مصر لخسائر اقتصادية وسياسية مائية فادحة.
بعد تعيينه، هجر صدقي سليمان مكتبه في الوزارة وبدأ العمل بنشاط من أرض الميدان حتى تم تحويل مجرى النيل في الموعد المحدَّد له، حتى وقف عبد الناصر في آخر خطاب رسمي له في المؤتمر القومي الاشتراكي فقال: “باسم بناة السد العالي الذين تعهَّدوا بإنشاء محطة كهرباء السد العالي في العيد الثامن للثورة تقديرًا لدورها في تنفيذه، أبلغ سيادتكم أن العمل في السد العالي على هذا النحو يكون قد اكتمل على أكمل وجه”.
ومن بين العاملين في السد العالي الضابط باقي زكي يوسف، وكان أحد المسؤولين عن إذابة الجبال التي تحيط بمكان المشروع والاستفادة من الرمال والصخور المذابة في بناء جسم السد نفسه، وكانت هذه الخبرة وراء العبور المصري لخط بارليف.
اقتضت الخطة التي اقترحها باقي زكي يوسف استخدام طلمبات ماصة كابسة على زوارق خفيفة تسحب المياه وتضخُّها بقوة اندفاع عالية فتحرِّك المياه الرمال وتجرُّها على القناة وتفتح الثغرة، مؤكدًا إمكانية تحقيق ذلك لثلاثة أسباب هي: أولًا- أن الساتر الترابي معتمد في تكوينه على الرمال، ثانيًا- أنه قد تمَّت إقامته بزاوية مائلة ثمانين درجة، وأخيرًا- أنه قد أقيم على حافة الضفة الشرقية.
بعد عرض الفكرة على الرئيس عبد الناصر وموافقته عليها، بدأ العمل السرِّي على تجربة الفكرة عمليًّا، ثم كانت التجربة النهائية بعد أربع سنوات، وكانت النتيجة باهرة، فقد تمكَّنت الطلمبات من فتح الثغرة خلال ثلاث ساعات فقط!
بعد إلغاء الرئيس السادات وزارة السد العالي والاكتفاء بوزارة الكهرباء، عهد إلى سليمان بإدارة الجهاز المركزي للمحاسبات، لكنه اعتذر عن منصبه بعد ذلك، وعندما احتاجت مصر إلى خبراته في رسم طريق شق خط بارليف قدَّم ما لديه وعاد إلى بيته بهدوء ملتزمًا بسياسته الصامتة، أما عن زكي يوسف فخلال لقاء له بعد ثورة يناير وعندما سُئل عن تجاهل النظام السابق له ومدى شعوره بالمرارة لذلك، قال: “كنت من أوائل الناس اللي عدُّوا 7 أكتوبر الساعة سبعة الصبح ومعايا النجدة والمساعدات، وأنا معدِّي الثغرة اللي اتفتحت كانت رقبتي أطول من ساري التلفزيون بتاعكم.”
الفكرة من كتاب صنايعية مصر
يتم إطلاق أسماء الأشخاص على الشوارع والطرق تكريمًا لهم وتخليدًا لذكراهم لما قدَّموه لخدمة الوطن مثل شارع محمد مظهر في الزمالك على سبيل المثال، ومع ذلك لا يعرف معظم الناس شيئًا عمَّن تحمل هذه الشوارع أسماءهم، ومن هنا يأتي هذا الكتاب الذي بدأ العمل عليه ونشرت حلقات منه بصورة غير منتظمة في 2013م في موقع “التحرير”، ثم نشرت بشكل منتظم في 2015م في جريدة التحرير.
في الكتاب يعرفنا عمر طاهر على أكثر من ثلاثين شخصية أثَّرت في التاريخ المصري والثقافة المصرية، فرسموا ملامح البلد وشكَّلوا جزءًا من تاريخ سكانه ولم يحصلوا على نصيبهم من الضوء والاعتراف بالفضل، نستعرض بعضًا منها في السطور التالية.
مؤلف كتاب صنايعية مصر
عمر طاهر: كاتب مصري ولد في صعيد مصر في منتصف السبعينيات، كتب في معظم الصحف والمجلات المصرية، وصدرت له عبر السنين العديد من الأعمال المتنوِّعة، قدَّم عمر طاهر كذلك البرامج الإذاعية مثل برنامج “الطريق إلى عابدين”، كما قدم برامج تلفزيونية مثل “مصري أصلي”.
من مؤلفاته: كتاب “أثر النبي”، وكتاب “حواديت برما”، كما أصدر عددًا من دواوين الشعر مثل ديوان “قهوة وشيكولاتة”، وديوان “مشوار لحد الحيطة”.