آلية عمل البنوك
آلية عمل البنوك
قديمًا كانت آلية عمل البنوك أخذ الأموال من المُودعين وإقراضها لأصحاب المشاريع، لتغطية تكاليف مشروعاتهم، وإعطاء المودعين فائدة أقل من التي يحصلون عليها من المدينين والربح من الفارق، أما الآن فالبنوك يمكنها إعطاء الأموال من اللا شيء بكل بساطة!
فهي تقوم بعملية أشبه بالسفر عبر الزمن، مفترضة نجاح مشروعات المدينين وقدرتهم على السداد مع دفع الفائدة؛ أي ببساطة كأنها تقترض قيمة تبادلية من المستقبل وتستخدمها في الحاضر!
لكن ماذا إن أصبح المقترض عاجزًا عن سداد الدين، وفشل المشروع، وتحول العاملون بهذا المشروع إلى عاطلين مفلسين لا يستطيعون شراء السلع من مشاريع أخرى، فتُغلق هي أيضًا بدورها، فيزداد عدد المقترضين الذين لا يستطيعون سداد ديونهم، مما يجعل البنوك في مأزق، وتنتشر شائعات بأن المخزون البنكي قد شارف على الانتهاء، فلا يودع مدخرون جُدد أموالهم في البنك، ويسرع المدخرون
بسحب أموالهم نقدًا خوفًا عليها، لكن البنك لا يستطيع إرجاعها إليهم، لأنه أقرضها لغيرهم، بالإضافة إلى تلك التي استحضرها من العدم، فيصبح الكل مدينًا لغيره ولا يستطيع أحد السداد، وتقل القدرة الشرائية للجميع، وتعم حالة عامة من الفوضى.
هنا تتدخل الدولة سريعًا لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار، بجعل البنك المركزي يقرض البنك المُفلس أموالًا من اللا شيء أيضًا، ومن بيع السندات إلى بنوك أخرى أو بنوك أجنبية.
ماذا عن الذي ما زال عاجزًا عن سداد دينه؟ ربما تقوم سياسة الدولة من أجل عملية تعافي الاقتصاد بشطب هذا الدين عنه، وهذا لا يحدث في جميع البلدان.
ومن هنا نستدل على أن عملية الاقتصاد قائمة على التدوير، وتحتاج إلى الجميع، فالعمال يحتاجون إلى أصحاب المشاريع لتوظيفهم، وأصحاب المشاريع بحاجة إلى العمال لشراء منتجاتهم، ويحتاجون كذلك إلى البنوك من أجل إقراضهم، والبنوك بحاجة إلي أصحاب المشاريع من أجل سداد قيمة الفائدة، والبنوك في حاجة إلى حماية من الدولة، والدولة بحاجة إلى البنوك من أجل تغذية الاقتصاد.
الفكرة من كتاب الاقتصاد كما أشرحه لابنتي
هل يُمكنك أن تشرح الاقتصاد لطفلة لم تتجاوز التاسعة؟ وكيف يُمكن أن تشرح لها؟ هذا ما فعله كاتبنا مع ابنته الصغيرة، من شرح بعض المفاهيم الاقتصادية، والإجابة عن بعض الأسئلة مثل: “لماذا كل هذا القدر من اللا مساواة بين الشعوب؟”، و”كيف تكون مجتمعات السوق مثل إيكاروس؟”، و”لماذا لم يغزُ السكان الأصليون في أستراليا بريطانيا؟”، و”كيف تعمل البنوك؟”، في شكلٍ قصصي، ورَبطِها بأساطير مشهورة، مُبتعدًا عن المصطلحات الأكاديمية مثل مصطلح “الرأسمالية” الذي استبدل به مصطلح “مجتمع السوق” لتبسيط الأمر.
مؤلف كتاب الاقتصاد كما أشرحه لابنتي
يانيس فاروفاكيس: اقتصادي وسياسي يوناني-أسترالي، وأكاديمي سابق في العلوم الاقتصادية، شغل منصب وزير مالية اليونان، وكُلِف بإدارة أزمة الديون للحكومية اليونانية.
له مؤلفات وكتب عدة عن الاقتصاد وأثره في السياسة، منها:
المينوتور العالمي – أمريكا وأوروبا ومستقبل الاقتصاد العالمي
-And The Weak Suffer What They Must?: Europe, Austerity and the Threat to
Global Stability
-Adults in the Room: My Battle with the European and American Deep Establishment
معلومات عن المُترجم:
عماد شيحة: سوري الجنسية، مترجم وروائي، ترجم العديد من الكُتب مثل: “تاريخ الشك”، “منطق الكتابة و تنظيم المجتمع”، وألَّف رواية: “بقايا من زمن بابل”، و”غبار الطلع”.