آفات تعترض طالب العلم
آفات تعترض طالب العلم
كثيرًا ما يتعرض طالب العلم لآفات في أثناء طريقه وقد قُسمت إلى قسمين؛ القسم الأول: الآفات التي تعترض طالب العلم في علاقته مع ربه، حيث إن مما ينتفع به المرء من العلم أنه يُصلحه ظاهريًّا وباطنيًّا، وهذا واجب على طالب العلم إصلاح سريرته وعلانيته، فقد وصف السلف الفقيه بأنه العابد الزاهد المُقبل على الله ويظهر في سمتهِ أثر علمه.
ومن هذه الآفات المنتشرة انشغال طالب العلم بالتفقه عن عباداته، فيترك السُنن وحفظ القرآن مُحتجًا بطلبه للعلم وهكذا، وأيضًا أن يستخدم العلم حُجة له للتخلي عن الفضائل في الدين، لذا على طالب العلم الحرص على محاسبة نفسه، والحفاظ على الفروض والسُنن الرواتب وقراءة القرآن والأذكار، وتحقيق معاني العبودية ظاهرًا وباطنًا مع تجنُّبه الحرام في القول والفعل ما استطاع وأن يحفظ نفسه من مجالس الغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس، لأن صاحب العلم هو أخشى الناس كما يقول الكاتب لأنه “كلما زاد فقه المرء زادت خشيته لله”، وكان العلماء يعتبرون العلم هو الخشية، يقول عز وجل: ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾.
أما القسم الثاني فهو الآفات التي تعترض طالب العلم في علاقته مع الناس، على الرغم من متعة تلقي العلم وطلبه الذي ينغمس فيها طالب العلم، فإنها تُسبب له عزلة عن المجتمع ومن حوله، فهو يزداد لهفة كلما قرأ جديدًا أو أُشكل عليه مسألة فيبحث ويجد حلها، حتى يُحاط بطوقٍ من العزلة عن الواقع من حوله حتى يصل به الأمر إلى جهل العصر الحديث، وقد يفتخر بذلك لكنَّ في ذلك خطأ كبيرًا، فيجب أن يتلقى علمه على أرض الواقع، ويستغل هذه التكنولوجيا الحديثة في الدعوة والعمل إلى الله، فالاختلاط بالناس يؤسس وعيًا فكريًّا واقعيًّا عند طالب العلم، لذا يجب عليه ألا ينعزل بل ينخرط بعلمه الشرعي في المجتمع.
الفكرة من كتاب مع العلم
يقول عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه): “تعلَّموا العلم، وعلِّموه النَّاس، وتعلَّموا له الوَقَار والسَّكينة، وتواضعوا لمن يعلِّمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلِّموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم”.
لقد كان العلم عند السلف ليس معرفة شرعية مجردة فقط بل كان معرفة عقلية وتحليلية بفكر شامل، فتفقهوا في علم الدين وجوانبه وانغمسوا في العلوم الحياتية كذلك، وحاليًّا في ظل الصحوة العلمية المعرفية وانتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الإلكترونية المتنوعة التي يسرت على الجميع أخذ علوم كثيرة ومتعددة، لم يعد هناك مشقة في طلب العلم، فلا تنتقل من بلد إلى آخر حتى تتعلم حرفًا بل يُسر الأمر، حتى إن الطالب يتعلم علم طالب آخر في قارة أخرى، ويُسر التعليم في حياتنا حتى أصبح حُجة علينا ليُسر الوصول إليه.
ومن خلال هذا الكتاب يطالعنا الدكتور سلمان العُودة على أهمية تعلُّم العلم وطرقه، وأبرز الآفات التي تعترض طالب العلم وكيفية علاجها، وكيف نطبق ما تعلمناه على أرض الواقع.
مؤلف كتاب مع العلم
د. سلمان بن فهد العودة: كاتب ومُفكر سعودي وداعية إسلامي وأستاذ جامعي ومُقدم برامج تليفزيونية وهو من مشايخ الصحوة، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في السُّنة.
وله مؤلفات عديدة منها: “بناتي”، و”أنا وأخواتها”، و”مجالس رمضانية”، و”مع الأئمة”، و”مع المصطفى”، و”مع الله”، و”زنزانة”، و”مع الصيام”، و”لو كنت طيرًا”، و”الصحوة في نظر الغربيين”.