آفات العمل الرقمي
آفات العمل الرقمي
رغم ما يثار حول إيجابيات العمل الرقمي، فجانبه المظلم يختلف تمامًا عن العلم التقليدي، وأولى آفات العمل الرقمي هي إخفاؤه تحت ستار من قيم الحب والصداقة والاستمتاع، ليخرج من إطار العمل المنضبط قانونًا، ويمتد ليشمل أي وقت في يومك يمكن أن تعمل فيه، أما ثاني آفة فهي لوعبة العمل، أي تحويل النشاط البشري إلى لعبة مسلية تخلط بين الترفيه والعمل، كصناعة الفيديو وغيرها من الصناعات الترفيهية، ثم تقديمها متعًا إجبارية يدمنها المستخدمون، ولا يستطيعون إغلاق أعينهم وتركها.
وثالث آفة من آفات العمل الرقمي هي ظاهرة التوظيف المفرط، ويقع فيها العمال الرقميون نتيجة تدني عوائدهم المالية، فيلجؤون إلى العمل في أكثر من منصة، أو تقديم أكثر من خدمة، ليجدوا أنفسهم في النهاية يعملون في أي وقت ومكان، مفتقدين حتى الوعد الأول للعمل الرقمي، وهو الحرية.
لماذا ظهر العمل الرقمي؟ ولماذا يتسع بمعدلات متزايدة؟ كان السبب هو التحولات الاقتصادية وإعادة هيكلة الشركات لتخفيض عبئها المالي، بالإضافة إلى اللجوء إلى تجزئة العمل لتسريع عمليات الأتمتة، ورغم ذلك لا يزال التوظيف العادي صاحب المكانة المركزية في الشركات، وتزداد معدلاته في الدول النامية، متحديًا التوقعات المؤمنة بعالم دون وظائف نتيجة تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى تمتع الموظفين بمزايا عديدة يُحرمها العمال الرقميون، كالاستقرار الوظيفي والأمان الجزئي والضمانات الاجتماعية والمرتبات المجزية.
يمكن أن يهاجم البعض تبعية الموظفين لشركاتهم، ولكن العمال الرقميين يخضعون أيضًا للمنصات، ونرى ذلك في صور عديدة، مثل اتباعهم لنظامها وإيقاعها، بل واستخدامهم لمتصفحات وبرامج معينة، وخضوعهم للتقييم والمراقبة المستمرة، بالإضافة إلى التحكم في ظهورهم على المنصة حسب تفضيلات المستخدمين، أو معايير المنصة للتقييم.
الفكرة من كتاب في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي
يعمل سيمون في شركة بمدغشقر، تعرض هذه الشركة على المشاهير توفير الخدمات والمنتجات الترفيهية اعتمادًا على تقنية الذكاء الاصطناعي، ولكن في الحقيقة، من يقوم بالعمل هو سيمون وجموع غفيرة في عديد من الدول الفقيرة، ما يعني أن الذكاء الاصطناعي الحقيقي مجرد ستارة تخفي تحتها عاملين رقميين!
سنحاول كشف الغطاء عن الدور البشري في التطور التكنولوجي للآلات عبر ما يسمى بالعمل الرقمي، لنجيب عن أسئلة مهمة مثل: هل سنصل يومًا إلى ما يسمى بالأتمتة الكاملة؟ وهل ستجعلنا الروبوتات نعيش في عالم بلا وظائف؟ وما علاقاتها بالعمل الرقمي؟ وما مشكلاته؟ وكيف تستغله المنصات الكبرى؟ وما الذي يمكن للعمال فعله لتحسين ظروفهم؟
مؤلف كتاب في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي
أنطونيو كازيللي: أستاذ علم الاجتماع الإيطالي الفرنسي، ولد في فبراير عام 1972م بإيطاليا، وحصل على الدكتوراه في عام 2006م من جامعة مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بفرنسا، وعمل منسق سيمينار دراسة الثقافات الرقمية منذ عام 2007م، حاز كتابه “في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي” جائزتين، الكتابة الاجتماعية والجائزة الكبرى للحماية الاجتماعية، وله كتاب آخر بعنوان:
الروابط الرقمية.
معلومات عن المترجمة:
مها قابيل: مترجمة مصرية متخصصة في العلوم، من أعمالها الترجمية:
البيولوجيا: تاريخ وفلسفة.
الاستنساخ البشري.