آداب الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المصافحة والسفر
آداب الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المصافحة والسفر
من السلوكيات المحمودة التي تُعبِّر عن التحية والمحبة هي المصافحة، أي السلام باليد، وقد تصل إلى المعانقة بين الأقربين والأصدقاء، فكان (صلى الله عليه وسلم) يصافح أصحابه حين يلقاهم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): “إذا التقى المسلمان فتصافحا، وحمدا الله (عز وجل)، واستغفراهُ غُفر لهُما”، ولا يصافح النساء إلا محارمه، وقد نهانا عن المعانقة والتقبيل إلا في اللقاء بعد سفر أو فراق طويل، ولم يكن يسمح لأحد بتقبيل يده (صلى الله عليه وسلم)، وكان يستقبل بترحيب كبير وشوق من أتى من سفرٍ بعيد، أما في السفر فقد وصانا النبي (صلى الله عليه وسلم) بأقوال وأفعال لأجله، فالسفر هو الذهاب من مكانٍ إلى آخر خارج أو داخل البلاد لأهداف معينة، لذا كان النبي يهتم بالدعاء عند السفر، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رجلًا قال: يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني، قال (صلى الله عليه وسلم) عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرفٍ، فلما أن ولَّى الرجل، قال (صلى الله عليه وسلم): “اللهم اطوِ له الأرض، وهوِّن عليه السفر”، وكان يكبِّر ويسبِّح في طريق السفر، وكان يلتزم بالدعاء عند الركوب ويتعوَّذ من المصائب والمشقة في السفر، فعن عبد الله بن سرجس قال: “كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا سافر يتعوَّذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكور ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال”، وكان يأمر أصحابه بالسفر مبكرًا ويُفضل السفر يوم الخميس وفي الليل أيضًا، ويحث على السفر في جماعة وأن يكون للسفر كمسير، قائد وكان يصلي ركعتي شكر حين عودته من السفر، وقد نهانا عن العودة من السفر بشكل مفاجئ بعد طول سفر دون تبليغ الأهل، وأن يتخذ المسافر استراحة في طريق سفره وإن كانوا في جماعة فلا يتفرقوا، فعنه (صلى الله عليه وسلم) قال: “لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحده”.
الفكرة من كتاب المأدبُة النبوية في آداب الحياة اليومية
هذا الكتاب يدور حول النواحي البشرية واليومية للرسول (صلى الله عليه وسلم) وآداب معيشته من مأكله ومشربه وملبسه وسلوكياته جمعاء، فعند دراسة حياة أحدهم -ورسول الله ليس كأي أحد من الخلق فهو خير الخلق وأكملهم- يجب على المرء أن يُعايشه كُليةً، ولأننا أُمِرنا بأن نتخذه أسوة حسنة في حياتنا كما قال الله (عز وجل): ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (سورة الأحزاب: 21) وجب دراسة سيرته بأكملها ومعايشتها، وبمعنى أدق تناول علم الحديث بأكمله من أفعال وأقوال وسلوكيات نبي الله حتى نتربى على نهجه ونتعلم بوصاياه وننتهي عما نهانا عنه، بل أيضًا نربح ثمرة الاقتداء بنبي الله واتباعه ونُحسن تعليم خُلُقه، فحين سُئلت السيدة عائشة عن خلق الرسول (صلى الله عليه وسلم) قالت: “كان خُلُقُه القرآن”، فها هي سيرة رسول الله العطرة التي لا يُعايشها مسلم إلا ويخرج منها مُهذَّب النفس والخُلق وحسن السلوك.
مؤلف كتاب المأدبُة النبوية في آداب الحياة اليومية
مصطفى كوندو غدو وُلد في غرب تركيا، التحق بكلية الإلهيات، وبعد تخرُّجه انشغل بالعلوم والتجارة فترة، ثم أنهى الماجستير في علوم الحديث بكلية الإلهيات جامعة صقاريَا، ويعمل في دار “إِشقْ” للطباعة والنشر والتوزيع.