آداب الاختلاف بالتي هي أحسن
آداب الاختلاف بالتي هي أحسن
جميعنا ننتظر من الآخرين أن يلتزموا بأخلاقيات الخلاف ولا ننظر إلى أنفسنا حين نختلف معهم، ومن الواجب التركيز في آداب الخلاف والتي من أهمها أن نفصل بين الشخص ورأيه، فلا نجعله عدوًّا لنا، بل نقيم الروابط بيننا ولا نحوِّل النقاش إلى هجوم على الأشخاص، والحرص على عدم تدني لغة الحوار وانتقاء الألفاظ، والبعد عن الإطاحة بالآخرين بالألفاظ القاسية، والاستماع للآخرين وترك فرصة لهم لإقناعك بدلًا من النقاش العقيم الذي تفترض فيه دومًا صحة رأيك فقط، وقد يتجنَّبك الناس لفحشك ومخافة لسانك ليس لصحة قولك، ولا نجزم بالقطع بصحة أي رأي، بل نترك مساحة لنسبية الآراء، ونفكر أيضًا في احتمال جهلنا وعدم رؤيتنا للصورة الكاملة.
قال بعض العلماء عن اختلاف الصحابة إنه رحمة واسعة لنا، ويوضِّح سعة الدين، وأنهم لو اتفقوا وأجمعوا على كل شيء لكان حجَّة قاطعة علينا ولشقَّ على المسلمين أمرهم. والإنصاف أيضًا من آداب الاختلاف، وهو أن تضع الآخرين مكان نفسك وتحكم عليهم بما ترضاه على نفسك، فهو خلق عزيز لا يناله إلا كريم الأصل، وأن تحكم على شخص بالإيمان حكمًا خاطئًا أهون من أن تحكم عليه بالكفر، ولا تحكم على مجتهد بالإثم، فإنَّ لمن اجتهد وأخطأ أجرًا ولمن اجتهد وأصاب أجرين، فلا ينبغي التنقيب عن الأخطاء للمخالفين لنا لتشويههم، ولو تكلَّم العالم في عيوب شخص ما فلينصفه ويذكر محاسنه أيضًا، كذلك من الآداب البعد عن التعصُّب الأعمى في حالات الانفعال والغلو، كما يجب الاعتصام بالكتاب والسنَّة كأهم مرجعية، والحوار المعتمد على الإنصات ولغة الشورى حتى نشجِّع المجتهدين ونوفِّر لهم البيئة المناسبة، كما يجب ألا ينكر مقلِّد على غيره من مقلدي المذاهب الأخرى ويتعصَّب لرأيه فقط.
الفكرة من كتاب كيف نختلف؟
“إن أمة مشتَّتة، متفرِّقة القوى، متضادة الاتجاهات، مختلفة الأهداف والرُّؤى؛ لا يمكن أن تكون قويةً، ولا أن تحمل دينًا، ولا أن تقيم دنيا”.. بهذه المقولة انطلق الشيخ سلمان العودة في كتابه هذا ليحفِّزنا على الاختلاف برُقي، وأن يكون خلافنا في الرأي فقط مع وحدة الصف والقلوب.
ويتناول الشيخ محاولة لإعادة صياغة منهجية التفكير للعقل المسلم في قضية الاختلاف وما يتعلَّق بها من إشكالات وتعقيدات، ويشرح مفهوم الاختلاف وأسباب نشأته وآدابه وحدود الاختلاف المقبول؛ إذ إن الاختلاف وتعدُّد الرؤى لم يسبِّب مشكلة للعقل المسلم إلا في عصور الضعف والجمود سواء على مستوى الأشخاص أم الأمم، حتى كان تقبُّل الاختلاف والتجديد دليلًا على مرونة الأمم وتقدُّمها، وأن الاختلاف يجب فقط أن يُجلي الحق ويؤلف القلوب.
مؤلف كتاب كيف نختلف؟
سلمان بن فهد بن عبد الله العودة: عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو مجلس أمنائه، وأستاذ جامعي ومفكر سعودي ولد في ديسمبر 1956، وحصل على ماجستير في السُنَّة في موضوع الغُربة وأحكامها، ودكتوراه في شرح بلوغ المرام “كتاب الطهارة”.
وكان من شيوخ الصحوة، إذ شارك في برامج تلفزيونية للدعوة والإصلاح مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “إشراقات قرآنية” و”حجر الزاوية”، وقد اهتم بموضوع الاختلاف في العديد من مؤلفاته مثل: “ولا يزالون مختلفين”، “الأمة الواحدة” ، “مقولات في فقه الموقف”، كما كان له العديد من المؤلفات المتميِّزة مثل: “أنا وأخواتها”، و”علمني أبي”، و”لو كنت طيرًا”، و”بناء الفرد”.