آدابُ نَسخِ المخُطوطات
آدابُ نَسخِ المخُطوطات
كان العلماءُ المسلمون حريصين كل الحرص على المحافظة على النسخة الخطية وعدم مسِّها بإصلاح أو تعديل؛ فقد كانوا يعلمون أن في هذا العمل الكثير من الأخطار التي لا يستطيعون تفاديها، وكانوا يعترضون على النقد الحدسي الذي يعتمد على تحسين المعنى، وهذا قد يوقعهم في تفرقة صعبة بين النص الأصيل وبين أحسن نص، وكانوا يتقبَّلون النقد اللغوي الصرف الذي تُستبدَل فيه كلمة بكلمة، ويوصي حاجي خليفة باحترام المصنّفين أصحاب الكتب التي يشرحها المؤلفون.
ومن آداب النسخ أيضًا مراعاة الاختصارات، رغم أن الخط العربي بطبيعته يميل إلى الاختزال، فإن الناسخ كان يجد من الاختصارات وسيلة لتقليل إرهاقه، وكانت النصوص القرآنية هي المُلهِم في وضع اختصارات كحروف تعين القارئ لفهم القرآن فهمًا صحيحًا دون أي احتمال أو شبهة للخطأ، ثم ظهرت بعد ذلك أنظمة أكثر تعقيدًا بين العلماء لحفظ بعض القواعد الدقيقة في التجويد، وقد نجد مثالًا لهذه الاختصارات في صحيح البخاري وأسد الغابة لابن أثير وغيرهما.
وكان ذكر المراجع التي أخذ منها العلماء والمؤلفون يضعهم في مأزق الإطالة، فقد كانوا يضطرون إلى نقل النص كاملًا، لأنه كان وسيلتهم الوحيدة لمساعدة القارئ للاطلاع على المصدر، وقد لا يعرف الناس الآن مدى صعوبة هذه الطريقة خصوصًا لتوافر المطابع التي تسهل ذكر المرجع والمجلد، أما العلماء قديمًا فكانوا يقعون بين مشكلة وجوب ذكر المرجع والنقل الحرفي، ووجوب التعليق والبحث الجديد، مع مراعاة عدد الصفحات القليلة حتى لا يسأم القارئ، وكانت هذه من الأسباب التي دفعتهم إلى استحالة البحث الفكري المستقل، وكانت الهوامش الوسيلة الوحيدة المجدية لإثبات الاستطرادات التي لا تمثِّل جزءًا رئيسًا من المتن.
وكانت علامات النقل والاقتباس قديمًا تدلُّ على ركاكة الأسلوب وكانوا يستبدلونها ببعض الكلمات مثل: (هذا نص فلان.. هذا كلام.. هذه ألفاظ).
الفكرة من كتاب مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي
كيف نظر العالِم المسلم إلى المشكلات المهمة المتصلة بالبحث العلمي؟ وهل كان لدى العلماء العرب منهج علمي واضح الأصول؟
إن قضية أصالة المنهج العلمي للمسلمين تعدُّ من القضايا التي ثار حولها جدل كبير بين ادعاءات بالافتقار أو النقل، ومن هُنا كان روزنتال يلوم على المستشرقين مقاييسهم الصارمة التي يضعونها عند تقديرهم للبحث العلمي عند المسلمين، متغافلين عن اختلاف المعايير الحضارية والتقنية التي ساعدت الغرب، ولم تكنْ قد وصلت بعد إلى الشرق، فكيف نزن بمكيالين مختلفين إذًا؟!
الفكرة من كتاب كتاب مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي
فرانتز روزنتال Franz Rosenthal: مستشرق ألماني أنصف الفكر الإسلامي وقدَّره حق قدره، وعالم في الدراسات الإسلامية، ولد في برلين أغسطس عام 1914 وتوفِّي في أبريل 2003، درس الحضارات واللغات الشرقية وحصل بها على درجة الدكتوراه، ودرس اللغة العربية في جامعة بنسلفانيا، وشغل بها منصب أستاذ اللغات السامية في جامعة بيل.
ترجم وحقق مقدمة ابن خلدون، ويهتم بالحضارة الإسلامية، ومن مؤلفاته:
تاريخ الطبري.
علم التاريخ عند المسلمين.
مفهوم الحرية في الإسلام.
مفهوم المعرفة في الإسلام.