وجها الإنترنت

وجها الإنترنت
لم تعرف البشرية قبل الإنترنت وسيطًا للمعرفة والمعلومات والتواصل جمع بين وجهين متناقضين هما المنفعة والضرر، واستطاعته الجمع بينهما هي التي مكنته من البقاء والانتشار، فهناك ستة أمور أساسية ميزت الإنترنت من الوسائل الأخرى كالتلفزيون والصحف والراديو، الأمر الأول والأهم هو عنصر الوقت والسرعة، ففي وقت سابق كان تدفق المعلومات ونقل الأحداث يتأخر ساعات وقد يصل إلى يوم كامل، ولكن الإنترنت جعل هذه العملية لا تستغرق دقائق، فنحن ننقل المعلومات لحظة وقوع الحدث، الأمر الثاني أن الإنترنت أتاح خاصية تكييف المحتوى وتفصيله، فأنت تحدد المنطقة الجغرافية وترى القضايا والخِدْمات التي يُفتِّش عنها سكان هذه المنطقة وتعرف تفاصيلها المكانية والزمانية.
أما الأمر الثالث فهو إمكانية إتاحة المعلومات من أنحاء العالم كافة، فالإنترنت لا يعترف بالحدود الجغرافية، حتى الدول التي تحجب بعض المواقع الداخلة ضمن حدودها يمكن الوصول إليها من خلال مواقع تتيح قائمة “البروكسي” التي تعطي عناوين رقْمية تُمكّن من دخول هذه المواقع المحجوبة.
الأمر الرابع والمهم بالنسبة إلى الباحثين أن الإنترنت أتاح فرصة للتواصل بين المتخصصين في مجال، أو المهتمين بقضية معينة بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي، مما أدّى إلى حل كثير من المشكلات العملية المستعصية، والأمر الخامس المرتبط بعملية المعرفة أيضًا هو تسهيل عملية البحث والوصول إلى ما تريد بسهولة.
ونختم هذه الأمور الأساسية لتمييز الإنترنت بكونه يمتلك خاصية التربيط والتشبيك، فهو يجمع المواقع والصفحات ويربط بعضها ببعض مما يجعل عملية التصفح والإبحار أسهل.
وعلى الرغم من كل تلك المزايا التي ذكرناها عن الإنترنت، فإن هناك كثيرًا من المخاوف والأضرار التي تلحق بالبشرية بسببه، فتبعًا لدراسة أجراها “داوني” في الولايات المتحدة، وجد أنه كلما زاد عدد ساعات استخدام الشخص للإنترنت زاد الميل إلى عدم الانتماء الديني، كما أن الطوفان المعلوماتي غير المنتظم يجعل عملية صناعة القرار غير واضحة، ويسبب تشتت الذاكرة ويقلل القدرة على التركيز والانتباه، كما أنه يعمل على طغيان ثقافة الهُواة، فالجميع بإمكانه النشر وكتابة ما يشاء في أي وقت، أما الأخطر فهو أن “المعلومات الضارة” تسبب انتشار أفكار متطرفة كصناعة القنابل وظهور الشذوذ الجنسي، والتشهير بأشخاص باستخدام معلومات خاطئة أو أنصاف حقائق.
الفكرة من كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
لا تخلو الحياةُ اليوم من ظهور ابتكارات تجعل الحياة أكثر سهولة وتربطها بشكل أكبر بالإنترنت، فأنت أصبحت تُفضل التسوق عن طريق الصفحات والتطبيقات بدلًا من النزول من منزلك لفعل هذا الأمر مُتَحَجِّجًا بتَوفير الوقت، ولكنك في الوقت نفسه تقضي وقتًا طويلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي اختلف إذًا؟
الإجابة عن هذا الأمر مرتبطة بالإنترنت والتغييرات التي سببها منذ ظهوره، لهذا يأتي هذا الكتاب ليقدم إليك ملخصًا سريعًا للاختراعات الفاصلة التي غيرت حياتنا، ومن ضمنها الإنترنت وأثره في تغيير المنظومة التي يُدار بها العالم، كما يوضح الأضرار الناتجة عن وسائل التواصل وما أحدثته في نفوس البشر، وهل تتجسس علينا هذه المواقع حقًّا، مما قد يجعلنا نُضْطَرّ إلى العودة إلى استخدام الرسائل البريدية بدلًا من هذه الوسائل وإن كانت أبطأ من الإنترنت؟
الآن كن مستعدًّا لمعرفة كل هذا وأكثر من خلال ملخص تاريخ الإنترنت.
مؤلف كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
خالد الغمري: أستاذ مساعد اللُّغويات الحاسوبية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، حاصل على الدكتوراه من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، شارك في تأسيس “مرصد المحتوى العربي على شبكة الإنترنت” التابع لـ”مؤسسة الفِكر العربي”، و”منتدى وسط غرب أمريكا للغويات الحاسوبية”.
له عدد من المقالات نُشرَت بجريدة الأهرام، تناولت الحديث عن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، وأثرها في الثقافة والمعرفة والمجتمع والسياسة، كما قدم عديدًا من الأبحاث حول المعالجة الآلية للغة العربية والمحتوى الرقْمي العربي، وألّف كتاب “برج مغيزل: مواقع التواصل الشخصي”.





