هل يمكننا التحكّم في الخوارزميات؟

هل يمكننا التحكّم في الخوارزميات؟
يعترف المتخصصون بعدم درايتهم الكاملة بطبيعة الخوارزميات، ويضيف آخرون أنها خارج نطاق التحكم البشري، ومن ثم يمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة للمستخدمين، وفي الحقيقة هي تمتلك سجلًا موثقًا في ذلك، أشهرها حوادث العنف العالمي والتأثير في الانتخابات السياسية وتحفيز ظاهرة انتحار المراهقين، مثل ما حدث للفتاة “مولي راسل | Molly Russell” ذات الأربعة عشر عامًا، التي أثبتت التحقيقات في قضية انتحارها استهلاكها كمية كبيرة من المحتوى المرتبط بالانتحار، قضت مولي مئات الساعات تغذي عقلها بفيديوهات وصور ونصوص عن الاكتئاب وأذية النفس، دافعةً بصحتها العقلية إلى التدهور وصولًا إلى الانتحار، وهو ما يشير بأصابع الاتهام مرة أخرى إلى المنصات، لماذا استمرت الخوارزميات في عرض ذلك المحتوى الضار؟

دافعت الشركات المالكة للمنصات عن نفسها، وأخلت مسؤوليتها من المحتوى المنشور، فهي فضاء أو وسيط يضم المستخدمين، أما عن طريقة عمل الخوارزميات فهي تحدد ما يظهر للمستهلك بناءً على بياناته، وبعد ضغط قانوني متصاعد على الشركات المالكة للمنصات، بدأت في تمكين تقنيات جديدة بهدف دعم ظهور المحتوى الآمن، وحذف المحتوى العنيف وإيقاف مروجيه، ولكن ذلك نقل الصراع إلى ساحة أخرى، فكيف نحدد معايير المحتوى الآمن؟
يحدث ذلك عبر عملية إدارية إجرائية، يُوضع فيها المحتوى تحت مراجعة آلاف من الموظفين البشر، ليسهموا في تنقية المحتوى الضخم على المنصة، ولكنهم يعانون ظروفًا غير صحية، بسبب تعرضهم لأسوأ أنواع المحتوى المرئي لساعات طويلة، وهو ما يجب أن يوضع في حسبان تلك الشركات، ويدخل في نطاق مسؤوليتها الاجتماعية.
الفكرة من كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
هل يمكن أن تكون ثقافتنا مجرد نتيجة للخوارزميات التي تحكم ما نراه وما لا نراه؟ يعتقد كثيرون أن قوة الخوارزميات تقتصر على العالم الرقمي فقط، لتنتهي تأثيراتها عند ترشيح أمر ما، أو إيصال محتوى منشور إلى أكبر عدد من المستخدمين، ولكن تلك معرفة قاصرة جدًّا عن طبيعة الخوارزميات.
تمتد قوة الخوارزميات لتخترق حدود المنصات الاجتماعية، وتعبث بثقافتنا وتشكلها حسب قوانين جديدة، سنطوف في زوايا ثقافتنا المعاصرة لنتفحص تلك الآثار، ونرى إن كنا نملك القدرة الكاملة للسيطرة على خياراتنا الثقافية أم إننا نُقاد إليها فقط، وهل نحب حقًّا ما نحب، وكيف يبدو عالمنا من وجهة نظر البيانات.
مؤلف كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
كايل تشايكا: هو كاتب موظف في مجلة “ذا نيو يوركر | The New Yorker” يغطي التكنولوجيا والثقافة على الإنترنت، ظهرت أعماله أيضًا في مجلة “ذا نيو ريبابليك | The New Republic”، ومجلة “نيويورك تايمز | New York Times”، و”هاربرز | Harpers”، له كتاب آخر بعنوان:
The Longing for Less: Living with Minimalism
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.