من الصين إلى نيجيريا
من الصين إلى نيجيريا
لا تتفاجأ إذا أخبرتك بأن نيجيريا إحدى الوجهات التي ترسل إليها الصين بعض دولاراتها! إذًا ما السبب في ذلك؟! في عام 2014 وقّعت الحكومة النيجيرية عقدًا بقيمة 12 مليار دولار مع شركة الصين لإنشاءات السكك الحديدية، وذلك لبناء خط سكك حديدية ساحلي يربط بين الصين ونيجيريا، وقد تتساءل.. لماذا تختار الصين إنفاق دولارها الثمين على تمويل خط سكة حديدية موجود على الجانب الآخر من الكرة الأرضية؟ في الحقيقة تسعى الصين إلى الانطلاق نحو العالمية وبسط سيطرتها من خلال الاستثمارات الخارجية في مجالات الحياة الأساسية كالطاقة والمياه، وهذه السكة الحديدية ليس الهدف منها أن تتصل الصين بنيجيريا، وإنما بالنفط والمواد الخام الموجودة في نيجيريا! والصين ليست البلد الأول الذي يتطلع إلى موارد نيجيريا، وإنما تعرضت هذه الدولة لحملات استعمارية عديدة، مما عرضها للاضطراب السياسي وإساءة استخدام السلطة وشيوع الفساد والاضطرابات المدنية.
ويشير البنك الدولي إلى أن أربعة من كل خمسة دولارات يجنيها قطاع الطاقة في نيجيريا، يستفيد بها واحد في المئة فقط من سكانها، وقد أثار ذلك الاستياء والسخط بين المواطنين، واندلعت أعمال العنف والهجمات على أنابيب النفط ومنشآته، وصدرت تهديدات باختطاف العاملين فيها من قبل الجماعات المسلحة، وهذا ما يدفع الشركات الأجنبية إلى إنفاق مبالغ طائلة على تأمين عمالها ودفع أجور عالية لهم ليقبلوا بالمخاطر التي يتعرضون لها في نيجيريا. ورغم هذه الظروف المرهقة الصعبة في نيجيريا، فالصين على كامل الاستعداد لتحملها إذا كان المقابل هو فرض النفوذ على مصدر يمدها بالنفط بشكل منتظم، فقد أصبحت الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم بسبب ازدهار مصانعها، وعليها ضمان الحصول على النفط الذي تحتاج إليه حتى تواصل نهضتها.
ومقابل كل الهِبات التي تقدمها الصين، أصبح شغل نيجيريا الشاغل استخراج النفط وتكريره وتقديمه إلى الصين التي تنتظره على أحر من الجمر، وهذا ما أدى إلى إهمال عديد من الصناعات الأخرى في نيجيريا، وبالنظر إلى الموارد الطبيعية لنيجيريا قد تتوقع أنها مصدر رئيس للمواد الغذائية، لكن بسبب الاهتمام المحدود بهذا القطاع تضطر نيجيريا إلى استيراد المواد الغذائية حتى تطعم سكانها.
الفكرة من كتاب سطوة الدولار: رحلة مذهلة لدولار أمريكي لفهم طبيعة الاقتصاد العالمي
في رأيك أين يذهب الدولار الذي ينفقه المواطن الأمريكي؟ هل تعتقد أن الدولارات تنتهي بها الحال في الأسواق والمحلات التجارية أو البنوك المركزية؟
أنا أيضًا فكرت في هذين الاحتمالين المنطقيين، لكن ما لم أضعه في الحسبان أن يحزم الدولار أمتعته ويترك موطنه استعدادًا لرحلة طويلة جدًّا يجوب فيها الأرض من مشرقها إلى مغربها، فارضًا سطوته وسلطته، فهل أستطيع أن أنقل إليك حماستي لتتبع هذه الرحلة والتشوق لفهم خباياها؟ إذا نجحت في ذلك فدعنا لا نُضيع الوقت ونستعد للانطلاق في رحلتنا الآن.
مؤلف كتاب سطوة الدولار: رحلة مذهلة لدولار أمريكي لفهم طبيعة الاقتصاد العالمي
دارشيني ديفيد: عالمة اقتصاد وكاتبة ومذيعة بريطانية، درست الاقتصاد في كلية داونينج «Downing College» بجامعة كامبريدج، تشغل حاليًّا وظيفة كبيرة مراسلي الشؤون الاقتصادية في «BBC»، وقد سبق لها العمل في بنك «HSBC Investment Bank»، وشركة «Tesco»، كما عملت مراسلة ومقدمة أخبار في شبكة «Sky News» البريطانية، ولها مؤلف آخر بعنوان:
Environomics: How the Green Economy is Transforming Your World
عن المترجمة:
سارة فاروق: مترجمة مصرية، تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن عام ٢٠١١م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، تعمل مترجمة أولى لدى مؤسسة «هنداوي»، وسبق لها العمل في الترجمة لدى مجلة «نيتشر»، ومنظمة الصحة العالمية، وشركة «نجوى» للتعليم الإلكتروني، ومن ترجماتها:
«التسويق | مقدمة قصيرة جدًّا».
«عدالة الآنسة بيم».
«قطعة لحم».