مصادر القوة الناعمة الأمريكية
مصادر القوة الناعمة الأمريكية
تمتلك أمريكا موارد كثيرة يمكن أن تقدِّم لها قوة ناعمة، ولكنها تعتمد بشكل كبير على سلوكها لتحقيق النتائج المرغوبة، فبالنسبة للثقافة فالاتصالات الثقافية العليا كالطلبة المتلقِّين للتعليم الأمريكي يمثِّلون مخزونًا للنوايا الحسنة الأمريكية، وغالبًا ما يتولَّون مناصب عليا في بلدانهم وهي مهمة لأمريكا، كما أن الثقافة الشعبية تتضمَّن صورًا ورسائل لها آثار سياسية غير مباشرة في الفرد.
فقد حقَّقت تلك الثقافة أهدافًا في سياساتها الخارجية مثل دمقرطة المجتمعات الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، وتآكل الاتحاد السوفييتي من الداخل عن طريق الأفلام وفرق الموسيقى، وأشياء أخرى، ما يضفي الانطباع الإيجابي على الثقافة الأمريكية عكس ما يروِّج له الاتحاد السوفييتي، ويعتمد تأثير الثقافة الأمريكية على ردود الفعل السياسية والسوق غير المتعلقة بالسياسة المستقلة.
أما بالنسبة للقيم والسياسة المحلية الأمريكية فإنها محل إعجاب الكثير من الناس، ولكن عند تطبيقها في بلدانهم تُقابَل بالنفور والاشمئزاز، ولا سيما من قِبَل الأصوليين المتشدِّدين بسبب سياسات الانفتاح وحرية الكلام، فالأوروبيون مثلًا يُعجَبون بإخلاص أمريكا للحرية ولكنهم يقدِّسون مبادئهم الليبرالية وروح الجماعة.
وسلوك أمريكا في الداخل يؤكد ويوسِّع من شرعيتها، ما يساعدها على تحقيق أهدافها السياسية الخارجية، ومشاركة البلدان الأخرى في مشاكل مماثلة لها يجعلها أقل ضررًا لقوتها الناعمة مثل مشاكل تأنيث الفقر وتزايد معدلات الطلاق، وفي المقابل تتآكل قوتها الناعمة بسبب سياساتها، كعقوبة الإعدام وإجراءات منح تأشيرات الدخول ومعاداتها للدين الإسلامي والترويج لقيمها وسياساتها في الخارج والنفاق في تطبيقها مثل اعتقالات خليج غوانتانامو، وتنظيم الرئيس بوش محاكم خارجية خاضعة له وحده.
بالإضافة إلى تبنِّي أمريكا سياسات خارجية قائمة على محددات شاملة وطويلة الأمد حازت على إعجاب الكثير، ولا سيما عندما تتشارك دول أخرى لديها نفس القيم التي تعبر عنها السياسة كسياسة الديمقراطية، والسياسات المتعددة الأطراف تضفي على أمريكا الطابع الشرعي وتزيد من قوتها الناعمة، كما تبنَّت سياسات انفرادية أفقدتها جزءًا كبيرًا من القوة الناعمة بشنِّها الحرب على العراق والتصريحات الصاخبة حتى وُصِفَت بأنها متغطرسة.
الفكرة من كتاب القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
إن القوة الناعمة مصطلح صاغه جوزيف ناي لأول مرة في كتابه “ملزمون بالقيادة”، وهي متاحة للجميع وتستثمرها الدول بشكل يحقِّق لها أهدافها عن طريق الجاذبية والإقناع بدلًا من الإرغام والرشاوى، وهي الوجه الآخر للقوة الصلبة، ويدور هذا الكتاب حول مصادر القوة الناعمة الأمريكية وسلوك الولايات المتحدة في استخدامها، والمنافسين لها في الماضي والمستقبل، ولكنها تعتمد على البراعة والمهارة في سلوكها وليست العبرة بالدول الصغيرة أو الكبيرة.
مؤلف كتاب القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
جوزيف ناي: (ولد في 19 يناير 1937) أمريكي وأستاذ العلوم السياسية، تولَّى عدة مناصب رسمية منها مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني.
ومن مؤلفاته: “مستقبل القوة”، و”فهم النزاع الدولي”، و”قوة القيادة”.