مسؤولية وسائل الإعلام
مسؤولية وسائل الإعلام
كتب ريجيس دوبريه في السلطة الفكرية في فرنسا وقال: “وسائل الإعلام تتجه نحو الشخصي لا نحو الجماعي، نحو الأحاسيس لا نحو العقل، نحو الفردي لا نحو الكوني، هذه الخصائص الثلاث الملازمة لأركان الإعلام الجديدة، والتي هي في الواقع واحدة، سوف تحدِّد طبيعة الخطاب المسيطر وبروفيل حامله، إنها تفرض استراتيجية فردية وفوضى جمعية، لا حاجة بعد الآن إلى كودات، ولا إلى إشكاليات، ولا إلى سياج من المفاهيم”، مساحات وسائل الإعلام قصيرة ومحدودة وعلى الرغم من ذلك فقد يختصر مثقفو الإعلام وناشروها موضوع أمة كاملة في لقاء يستمر لثوانٍ معدودة، ومثال على ذلك حين طرح برنار بيفو على المستشرق مكسيم رودنسون في نهاية برنامج “هل تستطيع أن تقول لنا في ثلاثين ثانية، هل الإسلام دين عدائي أم لا؟”، يطلب منه حسم أمر مثل ذلك في ثلاثين ثانية؟ هراء محض بالفعل، كما أن وسائل الإعلام تعتمد على المظهر وكيفية التعبير الجذابة في الحديث لا في التقصي عن الحديث بذاته هل صادق أم لا، موثوق منه أم لا؟ لا كل هذا لا يُهم أمام الانجذاب الجمهوري للمتحدث أصبح المعيار هو المظهر لا الفكر السليم حتى تخلخل الميزان الفكري والنزاهة الفكرية الإعلامية كذلك، حتى الكتب أصبحت إحدى وسائل التضليل يستخدمون العلم للكذب، فليس كل من يقرأ أو يشاهد التلفاز على علم مسبق للفكرة المطروحة أو الأحداث فيصدق وتتحوَّل المعلومات التي استقبلها إلى أفكار تطبيقية حياتية، وكذلك فكرة المؤامرة المخطط لها بدقة حيث إن الإعلام يستهدف تضليلًا متعمَّدًا للجمهور ليس جميعهم كذلك، ومع ذلك لا يمكننا النظر إلى أن تاريخ الإعلام في تأثيراته نظيف تمامًا، لذا وجبت المناشدة بإسقاط المزيفين من على الشاشة لإعطاء الفرصة للصادقين الحقيقيين في كل المجالات سواء العلمية أو السياسية أو الثقافية وغيرها، فكلما اندثر المثقف الصادق زاد المزيفون، فهو يضمن مكانته بتغذية كل الأفكار المزيفة الكاذبة.
الفكرة من كتاب المثقفون المزيفون ..النصر الإعلامي لخبراء الكذب
مُلخَّص كتاب “المثقفون المزيفون (النصر الإعلامي لخبراء الكذب)” من أخضر دوت كوم، لمؤلفه بسكال بونيفاس، ترجمة روز مخلوف.
هل الغاية تُبرِّر الوسيلة؟ هذا السؤال الشائك الذي نستدعيه أثناء تبريرنا لكل فعل في الغالب ما يكون خطأ أو بشكل غير أخلاقي، وفي عصر التكنولوجيا الحديثة كان أكثر منفذ للمعلومات ونشر الفكر والأخلاق هو الإعلام من برامج تلفزيونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، ونشأ عنها مسمى جديد ووظيفة لعدة أشخاص يعرفون بأنهم خبراء أو استراتيجيون والفئة العليا هي المثقفون، مما جعلهم الأشخاص الأكثر ثقة وأيضًا الأخطر على الإطلاق، فالثقة هنا أننا نستمع إليهم بإنصات ونأخذ منهم دون تشكيك، والخطير أنهم قد يستخدمون وسائل مزيفة أو يكذبون ليخدموا فئة معينة ضد أخرى دون أي نزاهة أخلاقية أو ضوابط فقط لمصالحهم والحصول على مكانة معينة قد تكون اجتماعية أو سياسية أو مادية وغيرها، أما المثقفون فهم الفئة الأرقى التي تخدم المجتمع ومصالح أفراده بالدفاع عنهم، وهذا الكتاب يدور حول ماهية المثقفين والخبراء وكيف وصلوا من مرحلة إظهار الحق إلى الزيف الظاهري لمصالحهم
مؤلف كتاب المثقفون المزيفون ..النصر الإعلامي لخبراء الكذب
بسكال بونيفاس: هو أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، وهو حاصل على دكتوراه في القانون الدولي العام، وهو مؤسس ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، وحاصل على عدة جوائز منها (وسام جوقة الشرف من رتبة فارس)، ومن كتبه: “فهم العالم”، و”لماذا كل هذه الكراهية؟”، وكتاب “من يجرؤ على نقد إسرائيل؟”، و”فرنسا ضد الإمبراطورية”، و”حروب المستقبل”، و”دروس 11 سبتمبر”، و”هل لا تزال فرنسا قوة عظمى؟”.
معلومات عن المُترجمة:
روز مخلوف: مترجمة من سوريا اللاذقية، خريجة الأدب الفرنسي من جامعة دمشق، وترجمت عدة كتب مهمة لكُتاب عديدة مثل ميلان كونديرا وأنطون تشيخوف وبسكال بونيفاس منها: “الخلود”، و”الراهبة”، و”فالس الوداع”، و”بيريرا يدعي”.