ما النظام التعليمي الذي نحتاج إليه؟

ما النظام التعليمي الذي نحتاج إليه؟
من بين الأهداف الكثيرة للتعليم، يتفق معظمنا أن مهمة التعليم الأساسية هي منح الجميع الأدوات الأساسية التي تؤهله ليكون عضوًا فعالًا في المجتمع مثل: القراءة والكتابة والحساب والقدرة على التفاعل مع التقنيات الرقمية، ولكن هل تتحقق هذه الأهداف دومًا؟ من المؤسف أن أجيب السؤال بـ”لا”! فأحيانًا يخرج الطالب بعد أن قضى أحد عشر عامًا بمهارات لُغوية وحسابية غير كافية، ومن ثم يؤثر ذلك في كفاءة دوره في المجتمع ومستوى السعادة والإشباع الذي يناله في حياته. إذًا، أين تكمن المشكلة؟ ترجع المشكلة بشكل أساسي إلى النظام التعليمي القائم على معاملة كل الطلاب بوصفهم ورقة بيضاء يدونون عليها ما يشاؤون بالطريقة التي يرونها، غير أن هذه الطريقة موحدة ومفروضة على الجميع وهذه مشكلة إضافية، ببساطة لأن الطلاب ليسوا ورقًا أبيض، بل يُولدون بملفات الـDNA والجينات الخاصة بهم، ولأن هذه الجينات نادرًا ما تتطابق لدى شخصين، فيبدو ضربًا من الجنون أن نضع مناهج وطرائق تدريس وأنظمة موحدة ونتوقع الاستجابة نفسها من جميع الطلاب على اختلاف جيناتهم وقدراتهم واهتماماتهم وخلفياتهم البيئية والثقافية.

وفي الحقيقة.. النظام التعليمي الذي تنعدم فيه الاختيارات ولا يراعي الفروق والاحتياجات الفردية لكل طالب، هو المسؤول الأول عن تدني مستوى التحصيل وانعدام الرغبة في التعلم لدى عدد كبير من الطلاب. حسنًا.. ما النظام البديل الذي نحتاج إليه؟ نحتاج إلى نظام يراعي الفروق الفردية لجميع الطلاب، ويسعى إلى إيجاد سبل مختلفة مناسبة للجميع، وألا يتوقف دوره عند إيصال المهارات الأساسية من القراءة والكتابة والحساب والتكنولوجيا، بل ينطلق بعدها لاستخراج المواهب والمهارات الكامنة لدى الطلاب، ويسعى إلى تطويرها وتمكين الطالب من استغلالها بأفضل صورة ممكنة، وأن يتيح محتوًى دراسيًّا متنوعًا يرضي اهتمامات الطلاب وشخصياتهم على اختلافها.
وقد تتساءل عن كيفية تحقيق مثل هذا النظام، وأجيبك بأن اعتمادنا في ذلك على مبادئ علم الوراثة السلوكي الذي يقوم على دراسة عمليات النمو والتطور لدى التوائم، وتُختار التوائم خصيصى لأن التوائم المتطابقة تكون جيناتها واحدة بنسبة 100%، مما يجعل مرجع الاختلافات بينهم إلى العوامل البيئية، أما التوائم غير المتطابقة فتختلف جيناتهم بنسبة 50%، مما يتيح الفرصة لكل من الجينات والبيئة للإسهام في التأثير، وهكذا يتمكن العلماء من فك التشابك بين التأثيرات الجينية والبيئية في التعلم.
الفكرة من كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
لا بد أنك مررت بدروس الجينات والـDNA والصفات الوراثية في مادة الأحياء، ولكن هل لهذا علاقة بالتعلم؟ وهل يمكن للجينات أن تساعدنا على إنشاء أنظمة تعليمية أفضل؟ ولأي شيء يخضع المستوى الدراسي للطلاب؟ للجينات أم العوامل البيئية المحيطة؟ وهل للنجاح والفشل جين محدد سحري يمكنه قلب حياتنا رأسًا على عقب؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سيجيبنا عنها علم الوراثة السلوكي، فدعونا نبدأ.
مؤلف كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
كاثرين آسبري: مُحاضِرة بمركز علم النفس والتعليم في جامعة يورك بالمملكة المتحدة، مهتمة بتأثير بيئة المنزل والمدرسة في مستوى تحصيل الأطفال وسلوكياتهم ومدى سعادتهم، ولها عديد من الأبحاث في هذا المجال.
روبرت بلومين: عالم أمريكي متخصص في مجالي الوراثة وعلم النفس، اشتهر بعمله في دراسات التوائم وعلم الوراثة السلوكية، وهو أستاذ علم الجينات السلوكي بمركز الطب النفسي الاجتماعي والجيني والتنموي بمجلس الأبحاث الطبية في جامعة كينجز كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، وله أكثر من ٥٠٠ بحثٍ وأكثر من عشرة كتب في عِلْم الجينات السلوكي، ومن مؤلفاته:
Blueprint
Behavioral genetics
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: حصل على ليسانس الآداب والتربية عام 2006، عمل في الترجمة وتحرير اللغة الإنجليزية، وترجم لمؤسسات مثل مكتبة جرير ومؤسسة هنداوي، ومن أعماله:
الكون الرقمي.. الثورة العالمية في الاتصالات.
علم النفس الشرعي.. مقدمة قصيرة جدًّا.
أصوات حيوية.. نساء يغيرن العالم.