ما الذي يعوق المقاطعة؟

ما الذي يعوق المقاطعة؟
عند انتشار دعوات المقاطعة في البلاد العربية تظهر دعوات أخرى مثبطة تدعي أنه لا جدوى منها اقتصاديًّا أو سياسيًّا، ولكن المقاطعة نوعٌ من حرية التعبير السلمي عن موقفٍ ما، وهي تعبير عن العزة والكرامة وقوة الإرادة، ولها أثرٌ اقتصادي ظهر في أحداث عديدة عبر التاريخ.

ويقول البعض إن أول المتضررين من المقاطعة هو الشركات المحلية المتعاقدة مع شركات أجنبية، إلا إن المقاطعة لا يقصد بها إضرار الشبكات العربية، بل إن فيها دعوة لترك التعاون مع أعداء الأمة، كما أن الضرر الذي يلحق بتلك الشركات لا يُقارن بما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين على سبيل المثال، والبدائل متوافرة من التصنيع المحلي ومن الشركات في الدول العربية والإسلامية الأخرى، وفي المقاطعة مواجهة لسيطرة القوى الاقتصادية الأجنبية على الأسواق المحلية.
ومما يُضعف المقاومة ويعوق تحقيق أهدافها، تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والتنموية في كثير من البلاد العربية والإسلامية، إذ تشكل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي قوى اقتصادية عظمى وتتحكم في منظومة العولمة، تسترضيها حكومات على حساب شعوبها، وتدخُل البلاد في علاقات مع إسرائيل برعاية أمريكية، وتُغيَّب قضايا الأقليات المسلمة في أرجاء العالم، وتعاني بلدان إسلامية من الاحتلال، ولا تشارك الدول العربية والإسلامية بفاعلية في المنظمات الاقتصادية الدولية، والمؤسسات العربية والإسلامية كجامعة الدول العربية، إذ إن دورها ضعيف متجمد، وتستمر حالة النزاع الداخلي في عديد من البلدان، والمال العربي الإسلامي لا يُستثمر في الضغط لصالح قضايا الأمة، وتستورد الدول العربية والإسلامية خططًا تنموية دون أن تعدلها بما يناسب أهلها.
الفكرة من كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
تمثل العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الشعوب ضرورة كبيرة للمجتمعات الإنسانية، وقد تطورت تلك العلاقات عبر التاريخ حتى أخذت شكل النظام الاقتصادي الحالي في ظل العولمة، ما يجعل الإضرار بشركاتٍ تابعة لدولة معينة يؤثر في عجلة الاقتصاد فيها، مما قد يدفعها إلى تغيير مواقفها السياسية وغيرها، والمقاطعة الاقتصادية معروفة منذ قديم الزمان على أنها وسيلة لإضعاف الخصوم، أو تعبير سلمي عن رفض لمواقف شعب أو حكومة في بلد آخر.
وفي السنوات الأخيرة تكررت دعوات المقاطعة في بلادنا، فما تاريخ المقاطعة الاقتصادية؟ وهل هي نافعة حقًّا؟ وكيف هي نظرة الشريعة الإسلامية إليها؟ وما الذي يعوقها عن تحقيق أهدافها؟ هذا ما نحاول أن نجيب عنه مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
عرابي عبد الحي عرابي: باحث سوري تركي، ولد بحلب عام ١٩٨٥، ونال الإجازة في الدراسات الإسلامية من كلية الشريعة في جامعة دمشق في عام 2009، وحصل على الماجستير في علم الكلام من جامعة «تراكيا | Trakya» في عام 2017، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «تشاناكالي | Çanakkale» عام 2023، وله دراسات تخصصية في الفلسفة وعلم الكلام والشؤون السياسية والفكرية، وعمل مديرًا علميًّا لمؤسسة السبيل.