ما البديل إذًا؟
ما البديل إذًا؟
إن أكثر استراتيجية يتبعها كل منحرف عن النص الشرعي هي: استراتيجية اللابديل، فمثلًا يقول: “يجب تجديد أصول الفقه ويسكت”، فهو نقاش مفتوح لا يمكن الإمساك بشيء محدد ننطلق منه في الحوار، وإذا سألته ما الشيء الصحيح الذي تراه؟ لا يقدِّم شيئًا حقيقيًّا يمكن لمسه واقعيًّا، فخطابه مُجرد نفي، والنفي عدم لا يمكن أن توازنه بشيء ما.
وسبب تلك الحالة هو “الارتياب” الذي يعني عدم قدرة النفس على المضي مع الإرادة الإلهية نتيجة التردد، ويظهر ذلك في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا﴾، فإن ارتياب القلب هو ما قد يمنع صاحبه من الانقياد لأحكام الله تعالى.
ومن أكثر الاستنكارات المُنتشرة بين المستشرقين، هو استنكارهم في انفراد أبي هريرة (رضي الله عنه) بالأحاديث الكثيرة، فيقولون: “كيف استطاع أبو هريرة أن ينفرد بالرسول (صلى الله عليه وسلم) بخمسة آلاف حديث لا يعرفها بقية الصحابة؟”، وهذا الاستشكال دليل على جهلهم بعلم السُنَّة، فالحقيقة أن الأحاديث المروية عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قد شاركه في روايتها عدد من الصحابة، كما أنه (رضي الله عنه) لم ينفرد إلا بعشرات الأحاديث، كما أن كثيرًا من مرويات الصحابة تكون رواية عن بعضهم عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثم هناك من الأحاديث التي أخذها أبو هريرة (رضي الله عنه) عن غيره من الصحابة، هذا بالإضافة إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يوزع المهام على أمته، فيبرز ببعضهم في مجال لا يبرز فيه غيرهم، وهذا لتخصيص جُلِّ وقتهم فيه.
وفي كل ادعاء يظهر مدى جهل المُدعي، وإذا وضحت الحق وأنكرت المُنكر، تجد عبارتهم “ليس من حق أحد الوصاية على المجتمع”، نعم لا يحق لأحد أن يتدخل في اختيارات الناس الاجتهادية المُباحة، ولكن هناك فريضة النهي عن المنكر الذي لا يرضاه الله عز وجل.
الفكرة من كتاب سلطة الثقافة الغالبة
الكثير منَّا يعلم مقولة ابن خلدون في مقدمته: “إن المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب؛ في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده. والسبب في ذلك: أن النفس أبدًا تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه”، وقبل ابن خلدون تأمَّل الشيخ أبو إسماعيل الهروي كيف انبهر بعض المنتسبين للعلم الشرعي بالفلسفة اليونانية، ثم أتى أبو حامد الغزالي، ثم ابن تيمية، فلاحظا الملاحظة ذاتها، حتى عصرنا الحديث الذي اندهش فيه الكثير من فارق الإمكانيات بين أوروبا والمجتمعات المسلمة، فظهرت حركات التجديد والنهضة، والتي تعد إحدى ظواهر الهزيمة النفسية لثقافة الغرب الغالب.
وفي هذا الكتاب يُقدِّم الكاتب الأفكار المُختلفة التي يتضِّح من خلالها الدوافع الخفية في رغبة أصحابها بعدم المصادمة مع الثقافة الغربية، من خلال عدة طُرق متوهمة تُظهر أصحابها بصورة المُتعالم الجاهل.
مؤلف كتاب سلطة الثقافة الغالبة
إبراهيم عمر السكران: باحث ومُفكِّر إسلامي سعودي الجنسية، درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سنة واحدة، ثم تركها واتجه إلى كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء، ثم حصل على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا.
من أبرز مؤلفاته:
الماجريات.
مسلكيات.
الطريق إلى القرآن.
مآلات الخطاب المدني.