ماهية الألم وتحليل مكوناته
ماهية الألم وتحليل مكوناته
إن الألم هو إحساس يصدر من منطقة محددة بالجسم، قد تكون هذه المنطقة ظاهرة كاليد والرأس، أو باطنة كالمعدة والعظام، وأي بقعة في الجسم يمكن أن يصدر عنها إحساس بالألم والشعور به ما عدا المخ الذي هو مركز هذا الإحساس وناقله عن طريق النهايات العصبية، فرغم أنه سيد الأعضاء، فلا يشعر بالألم ولا يتألم وذلك لخلوه من نهايات الأعصاب، وإنما الألم الذي نشعر به في الرأس يكون مصدره الأغشية المخية والعضلات والأوعية الدموية في المخ.
وهذه الأحاسيس التي نشعر بها لها رد فعل واستجابة، واستجابتنا لأي إحساس نوعان: إما أن تكون استجابته مريحة ومقبولة وإما أن تكون غير مريحة ومرفوضة، إذًا يتكوَّن الألم من إحساس تصاحبه استجابة غير مستحبة، وهذان هما شقا أي إحساس: مؤثر واستجابة، فالمؤثر هو الباعث على الألم أو الحافز والسبب، أما الاستجابة فهي الخبرات التي يعيشها الإنسان، ولأن ما يعني الإنسان هو الخبرة، وخبرة الألم هي خبرة معاناة، والمعاناة هي حالة نفسية؛ إذًا فالألم هو خبرة نفسية.
وحينما يتعرض الجلد مثلًا لإصابة، فإن هذا المؤثر يتسبب في إفراز مادة كيميائية تثير النهايات العصبية ثم ينتقل هذا التأثير إلى مسارات الإحساس الصاعدة في الحبل الشوكي ومنه إلى منطقة المهاد بالمخ (الثلاموس)، وهنا يتم إدراك الألم.
وأحيانا يمكن أن يكون هناك إدراك للألم دون استثارة للنهايات العصبية، ودون أن يكون هناك مصدر لهذا الألم، والدليل على ذلك أن الذين تبتر أجزاء من أطرافهم بعضهم يظل يشعر بألم مكان الجزء المبتور وكأنه موجود، وهنا يفقد الألم مكونه الأول الإحساس ويتبقى الاستجابة للألم دون وجود مصدر له.
الفكرة من كتاب الألم النفسي والعضوي
كثيرًا ما تعترينا الآلام وتغزو أجسادنا بين الحين والآخر، وأحيانًا يكون الألم عضويًّا وأحيانًا أخرى يكون نفسيًّا، وتارةً يصيب الجسد وتارةً يصيب النفس أو يصيبهما معًا، وقد يجلب الألم العضوي للمريض نظيره النفسي، وقد يصحب الألم النفسي بعض الأمراض العضوية، فالعلاقة بين الألم النفسي والألم العضوي علاقة وطيدة متبادلة التأثير والتأثر.
يأخذنا المؤلف في هذا الكتاب في جولة شائقة للتعرُّف على مجاهل النفس البشرية المرتبطة بسيكولوجية الألم وتجربته، فيحلِّل مكوناته وأبعاد ما نشعر به من الآلام، متتبعًا خريطة الألم ومساره منذ البداية حتى العلاج، ويعرفنا على سبل تفاديه وتحويله إلى طاقة إيجابية، وغير ذلك من أسئلة تدور عن الألم العضوي والنفسي يجيب عنها في أسلوبه المميز الذي كتبه بعقل الطبيب وقلب الأديب راعَى فيه السلاسة والوضوح بعيدًا عن مصطلحات علم النفس والطب النفسي المعقَّدة وغير المألوفة لعموم القراء.
مؤلف كتاب الألم النفسي والعضوي
عادل صادق: طبيب مصري من مواليد ١٩٤٣م، تخرج في كلية الطب، وحصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم، رأس تحرير مجلة “الجديد في الطب النفسي”، وله العديد من المؤلفات في تبسيط علم النفس والطب النفسي.
ومن مؤلفاته: “مباريات سيكولوجية”، و”متاعب الزواج”، و”حكايات نفسية”، وتوفي عام ٢٠٠٤م تاركًا أكثر من ٣٠ كتابًا منها أربعة باللغة الإنجليزية.