ماذا سيحدث عندما يصوّت المهاجرون بأقدامهم؟

ماذا سيحدث عندما يصوّت المهاجرون بأقدامهم؟
وضّحنا أن وسيلة التصويت على نجاة المدن ستكون بأقدام المهاجرين، لأن أسعار العقارات أحد المؤشرات المهمة إلى ذلك، فحين يرتفع سعر العقار فذلك يعني تحسّن الاستثمار المستقبلي، ومع التغيّرات المناخية ستزداد أسعار العقارات في المناطق الأكثر اعتدالًا وقدرةً على التأقلم، لا أحد يحب ترك منزله خصوصًا كبار السن، بينما ستوجد فرصٌ مناسبةٌ ستجذب الشباب المَهرة، ومع الأسف فإن الفقراء سيعانون أكثر من انخفاض أسعار عقاراتهم وأراضيهم، وستزداد صعوبة انتقالهم إلى مكان جيد.

ستسبب الكثافة السكانية العالية في المدن الناجية مشكلات وتحديات متعددة، كزيادة استهلاك المياه والكهرباء، وسنلجأ إلى الحلول الهندسية المبتكرة كتحلية المياه ومعالجة الماء الرمادي المستخدم لاستغلاله في التنظيف وأغراض أخرى غير الشرب، كما أننا سنزرع محاصيل أقل استهلاكًا للماء، لكن مهما فعلنا يجب أن نعيد تسعير الكهرباء والماء بحيث تراعى طبيعة الظروف وندرتها، بالإضافة إلى تشجيع استخدام المواصلات العامة، وإصدار تشريعات مرنة لاستغلال الأراضي.
تتوقف الحلول الحقيقية على مدى إيمان السياسيين ودعمهم لها، ومع الأسف فإن أغلبهم يهتمون فقط بإعادة انتخابهم مرة أخرى، فيركزون على مشكلات بارزة كالصحة والتعليم، تاركين المشكلات المستقبلية كتغيّر المناخ، إلا قلة مستثناة من الساسة، يتمتعون ببعد نظر كافٍ مثل عُمدة نيويورك السابق بلومبيرج، الذي شكّل لجنة لدراسة تغيّر المناخ، وحاول دعم سبل النجاة الممكنة، وتحديث البنية التحتية وإقامة سدود حواجز متحركة.
ولكن مع الأسف فإن غالبية العقول تفضل انتظار حدوث الكارثة ثم معالجتها، بدلًا من الإنفاق على بناء دفاعات بتكلفة عالية اعتمادًا على التوقعات والدراسات، فلم تفلح محاولات دفع جامعة كولومبيا لتكييف مبانيها ومختبراتها مع تهديدات المناخ، ورغم كونها من أكبر جامعات الولايات المتحدة الأمريكية فإنها اختارت الانتظار.
الفكرة من كتاب المدينة المناخية.. كيف لمدننا أن تزدهر في مستقبل أشد حرًّا؟
لو عُرِضَ عليك بيتٌ يطفو إذا حدث فيضان، هل ستُهرعُ لشرائه أم ستتهم المعماري بالجنون؟ قبل أن تندفع في الإجابة فكّر في تغيّرات المناخ، واعلم أن أحد أكبر تهديداته هو الفيضان، عندها سوف يبدو ذلك المعماري عبقريًّا لأنه استبق الأحداث الكارثية، ومن الممكن أن تفكّر في عرضه.
تحتل قضية التغيرات المناخية مكانة أساسية في جميع النقاشات المعاصرة، هل أفسدنا الكوكب؟ هل فات أوان الإصلاح؟ أنسير إلى الهاوية أم من الممكن أن ننجو؟ سنناقش تلك الأسئلة من وجهة نظر متفائلة يؤمن بها الاقتصاديون، بأن البشرية قادرة على التأقلم والنجاة من التغيرات والصدمات، فما الخطوات التي علينا أن نخطوها لنحقق ذلك الهدف؟ وكيف ستبدو الحياة في عالمٍ أشد حرارة في المستقبل؟
مؤلف كتاب المدينة المناخية.. كيف لمدننا أن تزدهر في مستقبل أشد حرًّا؟
ماثيو إي. خان | Matthew E.Khan: عالم اقتصاد وأكاديمي أمريكي، وُلد في مدينة نيويورك في عام 1966م، حاز درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية هاميلتون في عام 1988م، بالإضافة إلى البكالوريوس في التاريخ الاقتصادي من كلية لندن للاقتصاد، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة شيكاجو عام 1993م.
عمل أستاذًا مساعدًا في جامعة كولومبيا وتقدم في المراتب حتى أصبح أستاذًا مشاركًا، ثم انتقل إلى جامعة تافتس وشغل منصب أستاذ مشارك في الاقتصاد، ثم انضم إلى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس حيث عمل في معهد البيئة والاستدامة في عام 2006م واستمر حتى عام 2015م، ثم انتقل إلى جامعة جنوب كاليفورنيا، وأصبح رئيسًا للقسم في عام 2017م، ثم في يوليو 2019 انضم إلى جامعة جونز هوبكنز بصفته أستاذ بلومبرج المتميز للاقتصاد والأعمال.
بالإضافة إلى تدريسه في مؤسسات تعليمية عالية، عمل خان زائرًا في جامعات بارزة مثل هارفارد وستانفورد، وكان نشطًا في الأبحاث بصفته باحثًا مشاركًا في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية وزميلًا باحثًا في IZA، كما يشغل دور محرر مشارك في مجلة Urban Economics، وله مؤلفات عديدة، مثل:
Adapting to climate change: markets and the management of an uncertain future
Fundamentals of environmental economics
في البحث عن جذور الشر.
العطالة والتجاوز.
كما ترجم كتبًا مثل:
جرائم المستقبل.
الفتى هاينريش.