لغة قطتك
وترويض قطتك يستوجب فهم لغتها ومراقبة سلوكها، ولغة قطتك المشاعر، إذ إنها بدأت تتشكل من مشاعرك حينما كانت مجرد أحاسيس دون شِق معرفي، والأحاسيس سلوكها ويداها التي تبطش بها، ولغتها الأولى كانت سلوكًا مؤثرًا منبهًا للجهاز العصبي، وحينما كبرت صارت المشاعر مصحوبة بمعانٍ وخبرات معرفية، وأصبح لكل شعور معنًى وصورة ذهنية داخلك، وبدأت تتحدث إليك بلغة المشاعر، فإذا ما حادثتك بذكريات ماضية أو أفكار منطقية فهي تريد منك التعامل مع المشاعر المصاحبة لها، وتحاول استخدام وسائط لها من العالم المادي كرموز تفهم منها مرادها.
وجوهر فهم لغتها هو تعلم الإنصات، هكذا يمكنك فهم رموزها وتأويلاتها، فهي تشبه لغة الأحلام، تستخدم مثلها في العالم المادي لتنقل إليك معاني معينة، وحينما تتحدث معك باللغة المعرفية فهي لا تقصد ذلك، فلو حادثتك بالموت فربما تود أن تنقل إليك شعور الملل والحاجة إلى التغيير، وهذا يعلمك أن تدخل إلى عالمها وأنت مدرك أنها مغايرة لك ولمنظومتك الفكرية، فهي ليست عقلًا مفكرًا، بل لها عقلها الخاص.
وسلوكها ليس محددًا مؤقتًا كالمشاعر، بل فوضويّ لأنه مزيج من سلوكيات عديد من المشاعر، ويمكن أن تحادثك دون أي سلوك فترسل إليك رسائل رمزية، وقد تنشط فجأة فتحرك جسدك وتؤلم مكانًا معينًا، على عكس المشاعر التي لا يمكن التنبؤ بسلوكها أو تهدئته بسهولة، تهدأ فقط إذا ما أُنهِكت أو انتبهت لها وتواصلت معها، فلا بد من أن تبلغ رسالتها إليك، وإذا منعتها فستستخدم معك طرائقها الخاصة.
الفكرة من كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
لغة المشاعر هي أعلى اللغات أميةً في العالم، وهي لغة نتوارثها وتستقر داخلنا ويمكن أن نكبر دون تعلُّمها، وربما نتحدث بلسان مشوه خادع لا يكفي للتعبير عنها، أو تمييزها في أنفسنا وفهمها، فنلجأ إلى تجنبها، ومن ثم تتحول إلى مشكلة كبيرة داخلنا، أشبه بقطة شرسة تحاول تحطيم كل شيء في الداخل.
يأخذنا هذا الكتاب لنتعلم التعامل مع القطة العاطفية، وللاطلاع على طبيعتها وقصتها، لنعرف سبب شراستها، ثم نعرف طريقة ترويضها والعلاج من داء تجنبنا لمشاعرنا.
مؤلف كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
د. يَحيى موسى: مؤلف وباحث في مجال علم النفس، درس بكلية الطب جامعة بنها، ويعمل حاليًّا طبيبًا نفسيًّا.
من مؤلفاته:
ما وجدنا عليه آباءنا.
رغم أنف الذكريات.