كيف تفسد الخوارزميات أذواقنا؟

كيف تفسد الخوارزميات أذواقنا؟
تعمل الخوارزميات على تحليل كميات ضخمة من البيانات لتقديم ترشيحات تناسب الأغلبية، ويُعد الخيار الذي يشبه تفضيلات المستخدمين الآخرين هو الخيار الصحيح المُفضل للظهور في النتائج، ومع ذلك يبدو أن هذا النهج يُغفل العنصر البشري من المعادلة، إذ تُختَزل الاهتمامات والتفضيلات الفردية في مجرد مجموعة من الأرقام والبيانات، هذا النهج قد يؤدي إلى إفساد الذوق، إذ إنك تُوَجَّه نحو المحتوى الذي يتماشى مع اتجاهات الأكثرية بدلًا من تقديم تجربة فريدة ملهمة تناسب اهتماماتك الفردية.

يُعرف الذوق بأنه “تفضيل شخصي | Personal Preference” مكوّن من أربعة عناصر، العنصر الأول هو حدوث أمر مفاجئ، والعنصر الثاني هو مجهود عاطفي مبذول في التفاعل مع ذلك الأمر، والعنصر الثالث هو الوقت اللازم لحدوث ذلك التفاعل، أما العنصر الرابع للذوق فهو الحكم على هذا الأمر، ومثال ذلك أنك في أثناء تصفحك للمنصة ترى فيديو ما، لا تأخذ وقتًا كافيًا لاستهلاكه، فلا يمكنك الحكم عليه بالإعجاب، وهذا الفيديو في الحقيقة لم يظهر فجأة، بل هو جزء من محتوًى مصمم من ترشيحات الخوارزميات، التي ترى أنها ستعجبك.
إذًا فنحن لا نختار المحتوى الذي سنشاهده، وهذا ما يطرح سؤالًا مهمًّا، هل الأمور التي نحبها فرضت علينا أم أحببناها حقًّا؟ هذه معضلة حقيقية، ولا سبيل لحسمها لأن الخوارزميات تغذي اللا وعي بالمحتوى لجذب الانتباه والبقاء لأطول مدة ممكنة على المنصة، بهدف الاستفادة من الإعلانات التي هي الوسيلة الوحيدة لأرباح المنصات، فلا توجد مساحة هادئة مستقرة داخل المنصة، بل تريندات متلاحقة متسارعة، وفي نهاية الحديث عن الذوق الشخصي، لنفترض أن أذواقنا تتغير باستمرار -وهذا أمر طبيعي- فكيف ستتعامل الخوارزميات مع ذلك؟
الفكرة من كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
هل يمكن أن تكون ثقافتنا مجرد نتيجة للخوارزميات التي تحكم ما نراه وما لا نراه؟ يعتقد كثيرون أن قوة الخوارزميات تقتصر على العالم الرقمي فقط، لتنتهي تأثيراتها عند ترشيح أمر ما، أو إيصال محتوى منشور إلى أكبر عدد من المستخدمين، ولكن تلك معرفة قاصرة جدًّا عن طبيعة الخوارزميات.
تمتد قوة الخوارزميات لتخترق حدود المنصات الاجتماعية، وتعبث بثقافتنا وتشكلها حسب قوانين جديدة، سنطوف في زوايا ثقافتنا المعاصرة لنتفحص تلك الآثار، ونرى إن كنا نملك القدرة الكاملة للسيطرة على خياراتنا الثقافية أم إننا نُقاد إليها فقط، وهل نحب حقًّا ما نحب، وكيف يبدو عالمنا من وجهة نظر البيانات.
مؤلف كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
كايل تشايكا: هو كاتب موظف في مجلة “ذا نيو يوركر | The New Yorker” يغطي التكنولوجيا والثقافة على الإنترنت، ظهرت أعماله أيضًا في مجلة “ذا نيو ريبابليك | The New Republic”، ومجلة “نيويورك تايمز | New York Times”، و”هاربرز | Harpers”، له كتاب آخر بعنوان:
The Longing for Less: Living with Minimalism
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.