قصة القطة
بدأت قصة القطة العاطفية منذ الطفولة، لم يكن لديك حينها أي خبرة سابقة ولم تكن قادرًا على تقييم المواقف والخبرات، حينها كان شعورك يقف عند حدود الإدراك الحسي، تستجيب للمثير على مستوى الإحساس فقط، في حالة مرورك بموقف مزعج تستجيب له بغرائزك التي تهدف إلى حمايتك، ثم تَخزُن هذه الخبرة بناءً على بيانات الحواس فقط، فيحصل ارتباط شرطي بين المثير والانزعاج ورد الفعل الغريزي لهذا الموقف، فإن تكرر الأمر وأنت كبير فستُبدي انزعاجًا وخوفًا مبهمَين رغم عدم تذكرك للموقف.
ولأن قطتك العاطفية تشكلت قبل نضج عقلك المعرفي وقبل امتلاكك القدرة على التقييم، أصبحَت وليدة لذاكرة مجهولة، تخشاها بقدر ما تجهل منها وتتوجس من وجودها، وقد تشكلت من خبرات حسية تعبر عن نفسها جسديًّا في شكل ألم يهدد التوازن، ولأن الجسم يميل إلى الاستقرار، سيحاول الحفاظ على تلك الحالة ويتعامل مع القطة بصفتها خطرًا يهدد الاستقرار، ولذلك نكرهها ونحاول تجنبها.
والشعور ما يلبث أن يزول أثره في الجسد خلال دقائق، وليس هو المشكلة بالنسبة إلى الجسد، لكن يوجد عنصر آخر يتدخل لإرباك الأمر وهو المزاج، فهو عكس الشعور، لا يزول بزوال المثير، ويستمر لفترة أطول، وهو مرتبط بالقطة العاطفية، يناقش الحدث والخبرة الجديدة ثم يغير المعتقدات والمفاهيم التي يتبناها المرء عن نفسه والعالم، وينتهي الموقف ليتحول إلى خبرة شعورية، ثم موقف نقدي للإنسان يواجه به العالم.
الفكرة من كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
لغة المشاعر هي أعلى اللغات أميةً في العالم، وهي لغة نتوارثها وتستقر داخلنا ويمكن أن نكبر دون تعلُّمها، وربما نتحدث بلسان مشوه خادع لا يكفي للتعبير عنها، أو تمييزها في أنفسنا وفهمها، فنلجأ إلى تجنبها، ومن ثم تتحول إلى مشكلة كبيرة داخلنا، أشبه بقطة شرسة تحاول تحطيم كل شيء في الداخل.
يأخذنا هذا الكتاب لنتعلم التعامل مع القطة العاطفية، وللاطلاع على طبيعتها وقصتها، لنعرف سبب شراستها، ثم نعرف طريقة ترويضها والعلاج من داء تجنبنا لمشاعرنا.
مؤلف كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
د. يَحيى موسى: مؤلف وباحث في مجال علم النفس، درس بكلية الطب جامعة بنها، ويعمل حاليًّا طبيبًا نفسيًّا.
من مؤلفاته:
ما وجدنا عليه آباءنا.
رغم أنف الذكريات.