فرسان الجو
فرسان الجو
اعتدنا رؤية الصقر كرمز للسيادة العسكرية، وإن راجعنا هذه الخلفية سنجد الكثير من المعلومات والأسباب، فالخوذة العسكرية مثلًا لو دقَّقنا فيها سنجدها مشابهة تمامًا لرأس الصقر! بل إن هيكله كامًلا أثناء الطيران يوحي بهيكل الطائرة الحربية!
هكذا تتقاطع أوجه الشبه بين الصقور ومعدَّاتنا الحربية، إضافةً إلى الخطط العسكرية وكثير من الآليات الهجومية المستوحاة من نمط معيشتها، لذلك في القرون الوسطى اعتيدت رياضة الصقور ومراقبتها كوسيلة تدريبية وتعليمية للفرسان الأوروبيين على تنمية المهارات التكتيكية للمعارك، وقد وجدت مخطوطات قديمة من أوائل القرن الرابع عشر تمثل الفرسان بالصقور المحاربة على الجياد.
من قصص الشعوب المذكورة في هذا السياق قصة المحاربين الأتراك في القرن الثامن والذين تحوَّلوا إلى صقور بعد موتهم في الحرب، وفي حرب الملكيين الإنجليز مع قوات البرلمانيين أطلق الأول لقب “فالكون” على المدافع المستخدمة، وفي أمريكا تم إطلاق اسم فالكون “الصقر” أيضًا على الصاروخ الموجه لحمل الرؤوس النووية، ومن هذا المنطلق أصبحت دراسة علم الطيور فرعًا أساسيًّا من العلوم العسكرية.
يقول مقاول إخلاء الطيور في قاعدة محمية مارش الجوية في كاليفورنيا: “حيثما تطير الصقور، تصبح تلك المنطقة منطقتهم”، وقال: “في مملكة الطيور تؤخذ مسألة الحدود بجدية بالغة، فإنها مسألة حياة أو موت”، ثم أردف مشيرًا لما خلفته الحرب العالمية الأولى من تقسيمات دموية، وإلى منهجية الولايات المتحدة في فرض الحظر الجوي على العراق لإثبات سيادتها على المنطقة، تمامًا كالصقور!
وبشكل غريب تم استخدام الصقور كأداة تشارك في الحروب العالمية وبخاصةٍ في كبح الحمام الزاجل الخاص بالأعداء، ففي حصار باريس عام 1870 تم استخدام الصقور الألمانية المدرَّبة لقطع الطريق على حمام البريد الفرنسي، وعلى ذات الخطى توالت اقتراحات توظيف الصقور عسكريًّا، من تعليم الصقور كيفية التفريق بين حمام العدو والحمام العادي، إلى تسليح الصقور بشفرات حادة للمشاركة مع الجنود، ولا نغفل أن روبرت ستابلر وميريدت استخدماه كتميمة حظ للجنود خلال الحرب العالمية الثانية.
الفكرة من كتاب الصقر
كتاب الصقر هو واحد من مجموعة كتب جمعتها سلسلة تتناول الحيوانات بشكل مفصَّل، أي إنه دراسة لكل ما يتعلق بالصقور من منظور تاريخي ومجتمعي وحتى رمزية استخدامه في السياسة وعبر الأزمان، فلطالما ارتبطت الصقور في أذهاننا بالصلادة والقوة كعلامة لا تستغني عنها الجيوش أو حتى المحاربين منذ عصور مضت، علاوة على كونها رمزًا للنبل والملوكية عند بعض الشعوب كأوروبا مثلًا، وقد اتخذ البعض من صيدها هواية لعلية القوم، وآخرون امتهنوا تدريبها وبيعها بهدف الاسترزاق، هذه الأنشطة تحاربها قوانين منظمات البيئة في الوقت الحالي لما سبَّبته من تهديدات بانقراض أنواع كاملة.
ولأجل حب البشر وتعلُّقهم بالصقور لم تغفل الكاتبة الحديث عن كينونة هذا الكائن جميل الشكل مهاب الهيئة عند الشعوب والثقافات ودوره في تراث الأمم ومعتقداتها وبخاصةٍ في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي، وكيف استحال ذلك مادة خصبة لنسج القصص والأساطير التي تداخلت مع الأدب والفنون.
مؤلف كتاب الصقر
هيلين ماكدونالد: عالمة الطبيعة وكاتبة وشاعرة ومؤرخة ورسامة من مواليد عام 1970م في المملكة المتحدة، عملت زميلة أبحاث في كلية جيسوس ، وفي أبحاث الطيور الجارحة وتدريب الصقور “صقارة” ومشاريع الحفاظ على البيئة في جميع أنحاء أوراسيا، وهي عضو في قسم التاريخ وفلسفة العلوم بجامعة كامبريدج، كما سبَق لها العمل في عدد من منظَّمات حماية الصقور في بريطانيا والإمارات العربية المتحدة، لها من الأعمال:
H is for Hawk
Vesper Flights
Recovery: Vintage Minis
Through the Wire
Etruscan Reader I