فتاوى وضوابط

فتاوى وضوابط
ثمة فتاوى معاصرة توجب المقاطعة، مثل فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين، والشيخ يوسف القرضاوي، والدكتور وَهبة الزُّحَيْلي الذي ذكر أن البضائع الأجنبية المصنعة محليًّا لا تجب مقاطعتها إذا كانت النسبة الممنوحة على الاسم قليلة أقل من 40% مثلًا، وثمة فتاوى أخرى تراها مرتبطة بأمر الحاكم أو ولي الأمر بها، مثل فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية وفتوى الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ناصر بن سليمان العمر الذي قال إن المقاطعة على سبيل الندب لا الوجوب.

ولا بد للمقاطعة من ضوابط شرعية تحكمها، فلا تخالف مقاصد الشريعة كحفظ الدين والنفس والعقل والعِرض والمال، وتلتزم الوسائل المباحة وتجنب الوسائل المنهي عنها، ولا تُفضي إلى إضاعة حقوق أو تقصير في واجبات، وتلتزم قاعدة “لا ضرر ولا ضرار”، وقاعدة “الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف”، فإذا كانت المقاطعة تؤدي مثلًا إلى تلف مواد غذائية مدفوع ثمنها فلا يُشرع الاستمرار في إتلافها ويمكن أن تُوزع على الفقراء والضرورات تقدر بقدرها، وإذا كانت المقاطعة لا تحقق أي نفع في موقف ما ولو بإغاظة العدو، أو ستجلب ضررًا أكبر من النفع كأن يتعرض المسلمون لحرب، فحينها تكون محرمة عملًا بقاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”، وفي حالة كانت المقاطعة لا تحقق أذًى للعدو لكنها لا تضرنا أيضًا، تغدو مستحبة لا واجبة ولا محرمة.
الفكرة من كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
تمثل العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الشعوب ضرورة كبيرة للمجتمعات الإنسانية، وقد تطورت تلك العلاقات عبر التاريخ حتى أخذت شكل النظام الاقتصادي الحالي في ظل العولمة، ما يجعل الإضرار بشركاتٍ تابعة لدولة معينة يؤثر في عجلة الاقتصاد فيها، مما قد يدفعها إلى تغيير مواقفها السياسية وغيرها، والمقاطعة الاقتصادية معروفة منذ قديم الزمان على أنها وسيلة لإضعاف الخصوم، أو تعبير سلمي عن رفض لمواقف شعب أو حكومة في بلد آخر.
وفي السنوات الأخيرة تكررت دعوات المقاطعة في بلادنا، فما تاريخ المقاطعة الاقتصادية؟ وهل هي نافعة حقًّا؟ وكيف هي نظرة الشريعة الإسلامية إليها؟ وما الذي يعوقها عن تحقيق أهدافها؟ هذا ما نحاول أن نجيب عنه مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
عرابي عبد الحي عرابي: باحث سوري تركي، ولد بحلب عام ١٩٨٥، ونال الإجازة في الدراسات الإسلامية من كلية الشريعة في جامعة دمشق في عام 2009، وحصل على الماجستير في علم الكلام من جامعة «تراكيا | Trakya» في عام 2017، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «تشاناكالي | Çanakkale» عام 2023، وله دراسات تخصصية في الفلسفة وعلم الكلام والشؤون السياسية والفكرية، وعمل مديرًا علميًّا لمؤسسة السبيل.