عصر النهضة وانتعاش تقنيات الاتصال
عصر النهضة وانتعاش تقنيات الاتصال
عندما دخلت أوربا عصر النهضة ظهر الكتاب بوصفه إحدى تقنيات الاتصال من خلال نقل الأفكار وتداولها، وبذلك لعب الكتاب دورًا كبيرًا في عملية الاتصال الاجتماعي، وإلى جانب ذلك ظهرت الحاجة إلى جني الأرباح ومراكمة المال، ونتيجة لتلاقي النهضة الثقافية والبحث عن الأرباح التجارية، اختُرِعَتِ المطبعة على يد جُوتِنْبِرْجْ لنسخ كميات كبيرة من الكتب لتلبية طلبات الأعداد المتزايدة من القرَّاء، فصار الكتاب أداة جيدة للاتصال وهدفًا تجاريًّا في الوقت نفسه، وبسبب الطابع التجاري للكتاب ازداد انتشاره بشكل ملحوظ.
وبناءً على ذلك فإن من سمات عصر النهضة التحولات الفكرية التي جعلت من الفكرة مادة للاتصال، فأصبح من الممكن نقلها وتحويلها وتعديلها وتبديلها وإثراؤها كونها لم تعد مرتبطة بنظام عقدي يصحح أو يقيد تداولها، كما لم يعد المثقف هو المعلق على الكتب المقدسة فحسب، بل الحرفي الذي يكشف الأفكار ويشكلها وينقدها، ومن ثمَّ جعل الكتاب المطبوعَ من العمليات العقلية التي تسمح بتخزين الأحداث في الذاكرة واستدعائها بسهولة أمرًا غير مُجدٍ، وبدأت تختفي تدريجيًّا العادة التي اكتسبها الناس وخصوصًا العلماء، المتمثلة في التخزين الفوري للأحداث في مكان ما في الذاكرة عن طريق ربطها بصور ما.
وعندما اشتعلت الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر، فإنها ارتبطت بحشد كبير لجميع تقنيات الاتصال المتاحة في ذلك الوقت، فلعبت الكتب والجرائد دورًا أساسيًّا في العملية الثورية، كما لعبت الخطب والخطباء دورًا كبيرًا في تعبئة الشعب وإثارته، وخلال القرن التاسع عشر أتاحت موجة التصنيع التي اجتاحت أوربا تطورًا كبيرًا في تقنيات الاتصال كافة، فتطورت الطباعة، وظهرت الصحف مصدرًا منتظمًا يمد الناس بالمعلومات، واختُرِعَ البرق “التلجراف الجوي” وسيلةَ اتصالٍ لخدمة الدولة، ثم ظهر بعد ذلك “التلجراف الكهربائي” وتراجع احتكار الدولة لخطوط التلجراف، وقد ساعد ذلك على ظهور قيمة جديدة لم تكن معهودة من قبل وهي سرعة وصول المعلومة إلى الجمهور، ما أضفى على التلجراف الكهربائي وضعًا اجتماعيًّا متميزًا.د
الفكرة من كتاب ثورة الاتصال.. نشأة أيديولوجية جديدة
يستعرض الكاتب تقنيات الاتصال عبر التاريخ بداية من الكتابة والخطابة، ومرورًا بالكتب والطباعة والبرق، ووصولًا إلى التليفون والتليفزيون والكمبيوتر، كما يُبين أسباب ظهور ثورة الاتصال كأيديولوجيا دون دم أو ضحايا بديلة من الأيديولوجيات السياسية الأخرى التي تسببت في نشوب الحروب العالمية وقتل ملايين البشر خلال القرن الماضي، إضافة إلى ذلك يشرح الدور الذي تقوم به وسائل الاتصال والإعلانات بالتأثير في الجمهور وتوجيهه نحو الاستهلاك.
مؤلف كتاب ثورة الاتصال.. نشأة أيديولوجية جديدة
سيرج برو: دكتور في علم الاجتماع، وأستاذ في كلية الإعلام بجامعة كيبيك في مونتريال، وأستاذ مشارك في Telecom Paris Tech ومدير مجموعة الأبحاث ومرصد استخدامات وثقافات الوسائط (GRM)، من مؤلفاته:
Web social: Mutation de la communication.
La contribution en ligne: Pratiques participatives à l’ère du capitalisme informationnel.
فليب بروتون: باحث في مختبر CNRS، وأستاذ بجامعة ستراسبورج في المركز الجامعي لتعليم الصحافة، ومؤلف لعديد من الكتب، منها:
الحجاج في التواصل.
تاريخ نظريات الحجاج.
LE SILENCE ET LA PAROLE.
معلومات عن المترجمة:
هالة عبد الرؤوف مراد: مترجمة، ومن ترجماتها:
الثورة تحت الحجاب (النساء الإسلاميات في إيران).