عالم مغاير
عالم مغاير
العالم الآن يعيش مرحلة المخاض، حيث ينفكُّ مولود العالم الجديد عن رحم عالم قديم، تعدَّدت أسماؤه ما بين عالم الحداثة، والبيانات، والمعلومات، والتكنولوجيا، إلى غير ذلك من الأسماء التي لن نقف كثيرًا بشأنها، فلا مُشاحة في الاصطلاح، ولكننا إن اختلفنا على الاسم فإننا متفقون على المسمى، فهو عالم مغايرٌ بشدة في طبيعته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، نشأ نتيجة التلاقي الخصب بين الروافد العلمية المادية والأسرار البيولوجية الدفينة ليعيد بذلك النظر في مسلَّمات مستقرة، وينذر بصراعات جديدة، لذا تعدُّ أفضل الطرق في استشراف المستقبل والتنبؤ به هي صناعته.
فالمصير ليس قابعًا ينتظرنا في نهاية النفق، إنما هو المحصلة النهائية لتفاعل البشر مع التغييرات المعاصرة في ظل النواميس الكونية، لا سيما أننا اليوم نكاد نكون قد تجاوزنا الحدود الفاصلة بين الحقيقة والخيال، فعبر آليات ونظم محاكاة الواقع الافتراضي تمكَّن البشر من إقامة عوالم مصطنعة غير واقعية، حيث انتشرت الأسواق والمؤسسات الرقمية، وبات يمكننا الآن الولوج الافتراضي إلى الذرات أو السفر عبر المجرات، كما يتوقَّع العلماء أنه بفضل الثورة التكنولوجية القائمة قد نتمكَّن قريبًا من حلِّ الشفرة الجينية للبشر.
ونتيجة لذلك يمكن القول إن التكنولوجيا اليوم أصبحت قوة قائمة بذاتها، ويكمن التحدي في تحويل هذا السيل الجارف من المعلومات والبيانات الرقمية إلى واقع ملموس من النظم والمعدات والسلع والخدمات، وفي واقع رقمي تصبح المعلومات هي الكنز الثمين الذي يبحث عنه الجميع، فالحروب السيبرانية اليوم باتت أهم أشكال الصراع والنزاعات المعاصرة للسيطرة على المعلومات والبيانات، ويظهر ذلك جليًّا اليوم في الصراع السيبراني القائم على قرصنة المواقع الإلكترونية، للحكومات والجيوش والمنظَّمات والشركات لتجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات والبيانات، مثلما حدث في السباق العالمي لتطوير لقاح فيروس كورونا (كوفيد19).
الفكرة من كتاب العرب وعصر المعلومات
لا يخفى على أحد اليوم مدى تردِّي الأحوال التي آلت إليها الدول العربية على جميع المستويات، وفي ظل مستقبل يرتكز بصورة أساسية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يصبح هذا الكتاب بمثابة ناقوس للخطر، استشرافًا للمستقبل العربي في ظل عصر التحولات والطوفان التكنولوجي القادم.
مؤلف كتاب العرب وعصر المعلومات
الدكتور نبيل علي: رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وحاصل على دكتوراه في هندسة الطيران، كما أن له أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”الثقافة العربية وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.