صقر قريش.. وإغلاق صفحة الفتوحات
صقر قريش.. وإغلاق صفحة الفتوحات
في الحقيقة، كانت هذه الفترة تمثل أواخر عهد الدولة الأموية، فقد ضعفت الخلافة لعدة أسباب أهمها الدعوة العباسية وثورة الخوارج في إفريقية عام 740م، لذا لم تستطع الخلافة الأموية تركيز الاهتمام على هذا القسم البعيد في الغرب “الأندلس”، بينما الأندلس كانت تعاني بعض الفتن الداخلية مثل ثورة البربر ضد الغرب في أعوام 740م و747م وهذا ما يفسر بعض الهزائم في فرنسا.
في عام 750م / 132هـ قامت الدولة العباسية وانتقلت الخلافة إلى بغداد، أما في العالم الغربي فقد زالت كذلك الدولة الميروفنجية وقامت الدولة الكارولنجية بعد وفاة شارل مارتل 714م وانفراد ابنه بيبن القصير بالحكم، لتؤدِّي هذه الظروف المضطربة إلى تراجع المسلمين وسيطرة النصارى على مدن سبتمانيا عام 752م، لكنهم لم ينجحوا في دخول أربونة.
دخلت الأندلس مرحلة جديدة في عهدها، إذ وصل عبد الرحمن الداخل الأموي إلى أراضيها بعد فراره من مذابح العباسيين في حق الأمويين، وبعدما استتبَّ الأمر له وتولَّى حكم الأندلس كان الفرنجة قد نجحوا في الاستيلاء على أربونة وسبتمانيا مرة أخرى حتى أصبحت جبال البرانس هي الحد الطبيعي بين مملكة الفرنجة والمسلمين في الأندلس.
وتطرق المؤلف إلى رواية “شارل وعبد الرحمن” التي قدمها “جرجي زيدان”، وقد رأى الكاتب أن الرواية بها العديد من الخرافات ولا تستحق أن تُذكر (على حد قوله) إلا أنه ذكرها لتوضيح ما بها من أكاذيب وشبهات وجَّهها كاتب الرواية “جرجي” إلى تاريخنا وإسلامنا وأبطالنا، فقد أضاف “جرجي” أشخاصًا لا وجود لهم، واعتمد على مصادر أوروبية غير موضوعية أو حيادية ذكرت قيام عبد الرحمن الغافقي بأعمال عنف واضطهاد في النصارى، وهذا غير صحيح لأن من النصارى الأوروبيين أنفسهم من صدقوا في ذلك الأمر، فها هو المؤرخ “غوستاف لوبون” يقول: ما عرف التاريخ فاتحًا أرحم من العرب”، ويقول أيضًا ول ديورانت: “لم تشهد بلاد الأندلس في تاريخها كله حكمًا أكثر حزمًا وعدالة وحرية مما شهدته في أيام فاتحيها العرب”، وعلى ذلك طمح الكثير من أهل أوروبا وبخاصة فرنسا أن يدخلها المسلمون فاتحين بعدما علموا بما وصلت إليه الأندلس، ولقد كانت فرنسا وبقية أوروبا تعاني ظلم الحكام والضرائب الباهظة والفقر والظلمات.
الفكرة من كتاب بلاط الشُّهداء
“لو انتصر العرب في تور-بواتييه لتُلِيَ القرآن وفُسِّر في أكسفورد وكامبردج!” هكذا قال المؤرخ الأوروبي “جيبون” عن المعركة التي أجمع المؤرخون أنها من أكبر المعارك الفاصلة في تاريخ البشرية جمعاء، كيف لا ولو كان مُقدرًا للمسلمين النصر فيها لكانت فرنسا مُسلمةً ولما سقطت الأندلُس، ولضمَّت الحضارة الإسلامية أوروبا من غربها إلى شرقها، لكنها إرادة المولى (عز وجل)؛ إرادته أن يُستشهد بطلنا المُسلم عبد الرحمن الغافقي وينسحب الجيش الإسلامي من معركة بلاط الشهداء.
مؤلف كتاب بلاط الشُّهداء
شوقي أبو خليل (1941-2010م)، هو كاتب وباحث فلسطيني درس بكلية الآداب قسم التاريخ بجامعة دمشق، ثم حصل على دكتوراه في التاريخ من أكاديمية العلوم بأذربيجان، ثم عمل في عدة مناصب أهمها عمله أستاذًا جامعيًّا لمادة الحضارة الإسلامية في كلية الدعوة الإسلامية، ومدير تحرير في دار الفكر بدمشق، وقد ألَّف ما يزيد على سبعين كتابًا عن التاريخ والحضارة الإسلامية، ومن أهم مؤلفاته:
فتح الأندلس
عوامل النصر والهزيمة.
آراء يهدمها الإسلام.