سبيل الرواقية والبوذية والاسبينوزية لتحقيق السعادة
سبيل الرواقية والبوذية والاسبينوزية لتحقيق السعادة
يرى بعض الهنود واليونانيين أن حل مأزق الشخص الذي يريد أن يتأقلم العالم مع رغباته، هو تعديل رغباته لتتأقلم مع العالم، وجعل سعادته ترتكز على انسجام عالمه الداخلي بدلًا من محاولة تغيير العالم. وفقًا لمدرستي البوذية والرواقية، الحل هو إلغاء الرغبة والتعلق، والسعادة في الرواقية تكمن في قبول ما هو موجود والانتماء إلى الكون، فيجب أن تكون إرادة الإنسان متوحِّدة مع حتمية القدر، فعلينا قبول ما لا يعتمد علينا كالظروف الخارجية مع محاولة تغيير ما يعتمد علينا.
قبل الرواقية، ظهرت البوذية التي تشابهت معها بشكل كبير، وتقوم البوذية على القبول بعجزنا عن إجبار العالم على الاستجابة لرغباتنا، واستيعاب أن سبب المعاناة هو العطش الدائم، لكن بإمكاننا الشفاء من خلال التحرُّر من الرغبات ومعرفة طبيعة الأشياء، فيجب تجنُّب التعلُّق برغبات الحواس وأيضًا رفض الاستسلام للتقشف، فكلٌّ من البوذية والرواقية تقترحان أن يعمل الشخص على نفسه عبر المعرفة والجهد واتباع الأخلاق والتوازن للوصول إلى السعادة.
هناك قدر من التشابه بين ما أقرَّته البوذية والرواقية مع نظريات الفيلسوف اسبينوزا الذي يرى أن الإنسان يجب أن يبدأ سعيه نحو السعادة باكتشاف ذاته أولًا، كما طالب بالتخلُّص من العبودية الداخلية من خلال اللجوء إلى العقل وبالتالي التحكم في الانفعالات، فمن الضروري أن يتعلم كل واحد معرفة ذاته ليكتشف ما يُسعده وما يُحزنه، وتعتمد السعادة عند اسبينوزا على الطريقة التي ننجح بها في تطوير مشاعر إيجابية وليس في إبعاد الأفكار السلبية فقط، ويتطابق هذا مع البوذية التبتية التي تسعى لتطوير شعور مُناقض لذاك الذي يجعلنا مضطربين، فأفضل وسيلة لمقاومة الحقد تكون بتطوير الشفقة.
الفكرة من كتاب في السعادة.. رحلة فلسفية
لطالما كانت السعادة موضوعًا أساسيًّا يشغل بالنا، وقد نمضي حياتنا كلها في ملاحقته، لذا من الجيد أن نعرف أننا لسنا بمفردنا، وأن الكثير من العقول التي مرَّت على تاريخ البشرية وقفت أمام السعادة وتساءلت عن معناها وعن سبيل الوصول إليها، ويقدِّم لك هذا الكتاب رحلة فلسفية ستسير فيها جنبًا إلى جنب مع الفلاسفة، لتعرف كيف كانوا يُفسِّرون السعادة.
مؤلف كتاب في السعادة.. رحلة فلسفيةمؤلف كتاب
فريدريك لونوار: عالم اجتماع، ومُحاضر، وكاتب فرنسي، وُلد في يوليو 1962 في مدغشقر، ويعمل منذ عام 1991 كباحث في جامعة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية التي حاز منها شهادة الدكتوراه.
من أعماله: “روح العالم”، و”وعد الملاك”، و”قوة الفرح”.
معلومات عن المترجم:
خلدون النبواني:كاتب ومُفكر وفيلسوف سوري، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الأوروبية المعاصرة من جامعة السوربون، وُلد في سوريا عام 1975، وله العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية.
من ترجماته: “سر الصبر”، و”الفلسفة في زمن الإرهاب: حوارات مع يورغن هابرماس وجاك دريدا”.