سارَعَ ثاني أكسيدِ الكربون من عمليةِ انقراضِ أنواعِ الكائناتِ بسبب الاحتباسِ الحراري
سارَعَ ثاني أكسيدِ الكربون من عمليةِ انقراضِ أنواعِ الكائناتِ بسبب الاحتباسِ الحراري
تتأثرُ الكائناتُ التي تعيشُ على سطحِ الأرضِ بشكلٍ أو بآخرٍ بالأنشطةِ البشرية، وهناكَ بؤرٌ عالميةٌ ساخنةٌ لتلك النشاطات؛ كجنوبِ شرقِ آسيا، وأمريكا الجنوبية؛ التي تضمُّ الغاباتِ الاستوائيةَ، التي تتمتَّعُ إلى الآن بأغنى تنوُّعٍ بيولوجيٍّ على سطحِ الأرض.
ثاني أكسيد الكربون؛ الذي يبنعثُ من عوادِمِ المصانعِ؛ زادَ من حَامِضيَّةِ المحيطات، وأدَّى إلى تآكلِ التنوُّعِ الحيويِّ فيها، حيث تؤثِّرُ تلك الحامضيةُ بدرجةٍ شديدةِ القسوةِ، في قدرةِ الكائناتِ التي تعيشُ في الماءِ على تنظيمِ كيميائها الداخلية، نتحدثُ هنا عن إفسادِ عملياتٍ كالأيض ونشاطِ الإنزيماتِ ووظائفِ البروتينات، كما إنها تُؤثِّرُ على مصادرِ غذاءِ الكائنات البحرية، خاصةً القشريات والكائناتِ الصَدَفيَّةِ وذواتِ الهيكلِ العظميِّ الخارجي؛ فنسبةُ الأحماضِ المرتفِعَةِ تؤدي إلى قلةِ الكالسيوم والأيُّوناتِ الكربونيةِ التي تُمثِّلُ البنيةَ الأساسيةَ للأصدافِ والهياكلِ الخارجية، والكائناتُ التي لا تنمو لديها أصدافٌ للوِقايةِ من الأعداءِ تموت، وهو ما يُغيِّرُ -حرفيًا- كلَّ شيءٍ آخر.
كما إنَّنَا نحنُ البشرُ نستخدمُ الوقودَ الأُحفوري، مما تسبَّبَ في ارتفاعِ نسبةِ ثاني أكسيدِ الكربون، وهو من الغازاتِ الدفيئةِ التي تؤدي إلى الاحتباسِ الحراري، وبارتفاعِ نسبةِ الغازاتِ الدفيئةِ في الغِلافِ الجوي، ترتفعُ قدرةُ الغِلافِ الجويِّ على حبسِ جزءٍ من أشعةِ الشمسِ ومنعِهَا من الخروج.
وإذا استمرَّ الأمرُ بالمعدلاتِ المتسارِعَةِ تلك، سيؤدي ذلك لارتفاعِ معدَّلِ الاحترارِ العالمي، وهو ما سيرفَعُ معدلاتِ انقراضِ الكائناتِ الحيَّةِ بصورٍ كارثية، فبوصولِنا إلى حاجزِ ثلاثِ درجاتٍ إضافيةٍ في متوسِّطِ درجاتِ الحرارة؛ ستخسَرُ 47% من الحشرات، و26% من الفقاريات، و16% من النباتاتِ نِطاقَاتِها الجغرافية، مما سيؤدي إلى انحسارٍ واضحٍ في درجاتِ التنوُّعِ الحيويِّ بكوكبِ الأرض.
الفكرة من كتاب الانقراضُ السادس
شهِد عالمُنا خمسَ حوادثَ انقراضٍ كارثية، أطلق عليها العلماءُ اسم “الخمسُ الكِبار”.
اختفاءُ الديناصورات؛ الذي وقعَ منذ أربعةٍ وستينَ مليونَ عامٍ – على سبيلِ المثال – يُعتبرُ حدثَ انقراضٍ واحدٍ من تلك الحوادث.
العلماءُ يعتقدونَ أننا بصددِ مقابلةِ انقراضٍ سادسٍ عظيم، ولكنَّ تلك المرَّةِ لن يكونَ مثلَ أيِّ انقراضٍ سابقٍ تسببت به كوارثٌ طبيعية؛ مثلُ النيازك والبراكين والزلازل.
يُرجِّحُ العلماءُ أن الإنسانَ هو من سيتسبّبُ فى هذا الانقراضِ المعروفِ بـ”انقراض الهولوسين”، وخُطى ذلك الانقراضِ تُسرِع بسببِ الثورةِ الصناعيةِ والتصحرِ وتغيرِ المُناخ، الأمورُ التي بدَّلت بيئةَ الحيواناتِ وزادت حَمْضيّةَ المحيطات؛ فتراجعت نسبُ التنوع ِالبَيُولوجيِّ إلى معدلاتٍ غيرِ مسبوقة.
ولكن ما زالَ هناك أمل، فنحنُ يمكنُنا قلبُ الطاولةِ وإعادةُ التوازنِ البيئي، بعدَ أن نتعرَّفَ على دورِ البشرِ الرئيسيِّ في إحداثِ الخللِ أولًا.
مؤلف كتاب الانقراضُ السادس
“إيلازبيث كولبيرت”: صحفيةٌ وكاتبةٌ أمريكية، لها العديدُ من المؤلَّفات؛ منها كتابُ “ملاحظاتٌ مَيدَانيةٌ من قلبِ الكارثة”، والذي تناولَ تأثيرَ تغيرِ المُناخ، وكتابُ “الانقراضُ السادس”، الذي حَصَلَ على جائزةِ “بوليتزر” عامَ ألفين وخمسةَ عشر، عن الأعمالِ غيرِ الروائيَّةِ العامة.