خيركم لأهله
خيركم لأهله
كيف كان رسول الله ﷺ في بيته؟ تخبرنا أمنا عائشة رضي الله عنها أنه كان في بيته ألين الناس وأكرمهم، وأنه كان ضحاكًا بسامًا، ولم يضرب امرأة ولا خادمًا، وكان يكونُ في مهنة أهله (تعني خدمة أهلِهِ) فإِذا حضرت الصَّلاة خَرج إلى الصَّلَاة.
وللنبي ﷺ مواقف كثيرة لنا معه فيها دروس، كما كان منه في يوم عيد والحبشة يرقصون في المسجد بطريقتهم ويرددون أهازيجهم إذ قال لها: “يَا حُمَيْرَاءُ، أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِم؟” وأخذت تنظر إليهم وهو معها ورأسها على كتفه ﷺ ولم ينصرف حتى انصرفت، وهو موقف يظهر فيه أيضًا أن المسجد كان ميدان حياة، وأن الإسلام يستوعب الثقافات على اختلافها دون أن يُفقدها خصوصيتها، وأن في ديننا فُسحة. ونذكر أيضًا يوم عادت عائشة (رضي الله عنها) معه من غزوة ذات الرقاع وفقدت عقدها في الطريق، فتلقى الأمر باهتمامٍ وبعث فريقًا يبحث عنه، وأقام ينتظرهم والناس معه حتى خيم الليل، وعاتبها أبو بكرٍ عتابًا شديدًا بعدما شكى الناس له، ثم حانت صلاة الفجر وليس مع المسلمين ماء، فتنزل الوحي على رسول الله ﷺ تخفيفًا عن المسلمين برخصة التيمم، فيفرح بها القوم ويقول رسول الله ﷺ لعائشة: “ما أعظم بركة قلادتك” ويقول لها أبو بكر: “والله إنك لمباركة.”
وكان كرم رسول الله وبِرُّه يشمل بناته وأحفاده أيضًا؛ فإذا به ﷺ يخرج إلى أصحابه ليُصلي بهم الظهر أو العصر وهو يحمل أُمامة ابنة زينب فإذا ركع وضعها على الأرض برفق وإذا أتم سجوده حملها مرة أخرى، وهذا موقف يبين كيف كان النبي ﷺ مع عظم قدره ومهابته يعيش ببساطة وعفوية ويعطينا درسًا عمليًّا في الحفاوة بالبنات في زمن كان يزدريهن وقومٍ كانوا يئدونهن.
وإذا به ﷺ يخرج في حر الظهيرة إلى بيت فاطمة (رضي الله عنها) يسأل عن الحسن، فتُهيؤه أمه وينطلق إلى جده الذي مد يديه ليتعانقا، ويقول رسول الله ﷺ: “اللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ، وأَحِبَّ مَن يُحِبُّهُ”.
وكان ﷺ يحب فاطمة ابنته (رضي الله عنها) ويحتفي بها ويزورها، فإذا زارته رحب بها وأخذ بيدها وقبًّلها وأجلسها مكانه، ولم يهمل الحنان في معاملتها حتى بعد أن كبرت وصارت أمًّا. حتى كان يوم في مرض موته ﷺ، أسرَّ إليها دون غيرها باقترابِ أجله، وبشرها بأنها سيدة نساء أهل الجنة.
الفكرة من كتاب قصص نبوية.. زوايا جديدة لقصص السيرة
لنا مع هذا الكتاب رحلة مع بعض القصص من سيرة رسول الله ﷺ، في مكة وفي المدينة، ومع أهله وأصحابه، ومع الكفار والمشركين، نتوقف معها وننهل منها علمًا وأدبًا.
مؤلف كتاب قصص نبوية.. زوايا جديدة لقصص السيرة
عبد الوهاب بن ناصر الطريري، أستاذ جامعي سعودي، تخرج في كلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تخصص علوم السنة النبوية ودرَّس فيها.
له العديد من البرامج على اليوتيوب، منها: “أحوال رسول الله”، و”مشاهد نبوية”، و”حجة الوداع”، و”سماء الذاكرة”.
ومن كتبه: “كأنك معه”، و”اليوم النبوي”، و”حديث الغدير”، و”توازن القوى”.