حيل دفاعية
حيل دفاعية
في محاولة الأطفال لدفع الخوف عن أنفسهم فإنهم يلجؤون إلى بعض الحيل أو الوسائل الدفاعية.
فقد يخشى الطفل شيئًا فيتجاهله، ويخفي مخاوفه رغبة في دفعها، وليس ذلك بسهل، فهو يبذل فيه جهدًا نفسيًّا كبيرًا يمنعه من ممارسة باقي الأنشطة بشكل طبيعي، فمن الصعب على طفل يصبُّ تركيزه على تجاهل خوفه من العقاب الذي ينتظره مثلًا أن يستوعب الدرس بشكل كامل.
وقد يعمد الطفل إلى الهروب، سواء كان هروبًا تخيليًّا أو هروبًا حقيقيًّا كالهروب من المدرسة أو المنزل، وأكثر حالات الهروب تتمثل في الهروب النفسي، فينغلق الطفل على نفسه ويصبح انطوائيًّا منزويًا يتجنَّب كل ما هو جديد خوفًا من الفشل، وعلى الوالدين التنبُّه لذلك ومساعدة الطفل على مواجهة مشاكله.
ومن الدفاعات التي يلجأ إليها الأطفال كذلك الاعتداء، ليثبت لنفسه ولمن حوله أنه ليس خائفًا، ويبعد عن نفسه فكرة الضعف، كذلك فإن تكرار حالات الألم النفسية وحتى الجسدية كالمرض المتكرر يدفع الطفل إلى العنف خوفًا من تكرار تجربة الألم، بينما يلجأ بعض الأطفال إلى نقيض ذلك، إلى الطاعة المبالغ فيها والخضوع، وينشئ ذلك طفلًا بطاقات معطَّلة فاقدًا للتلقائية، ويصبح محجمًا خوافًا لما يعانيه من صراع داخلي.
وقد يتسبَّب خوف الطفل وقلقه إلى إصابته بالمرض الجسدي، كالأطفال الذين يصابون بأزمات صدرية بسبب كتمهم للبكاء خوفًا من التوبيخ إن بكوا، وقد يتراجع الطفل إلى تصرفات أصغر من عمره، كالتبول اللاإرادي، أو مص الأصابع، ولا يكون ذلك إراديًّا ولكن يدفع به الطفل عن نفسه الخوف.
الفكرة من كتاب مخاوف الأطفال
إن أغلب الاضطرابات النفسية قد يكون مردُّها إلى فقدان الطفل الشعور بالأمن، وليس ذلك في الأطفال وحسب، بل وحتى اضطرابات البالغين، وقد نقلِّل من شأن مخاوف الأطفال لصغرها في أعيننا، وقد نمر بأزمة كبيرة ونتجاهل الطفل ظنًّا منا أنه لا يفهم ما يحدث، وقد نسعد بهدوء الطفل دون أن نعلم أن من خلف ذلك الهدوء شبحًا كامنًا في أعماقه.
الخوف من فقد الحب، ومن الوحدة، ومن الظلام، ومن النمو والنضج، وقد لا تتصوَّر أنهم يخافون من أول يوم لهم في هذا العالم، ويكبرون وتكبر مخاوفهم، وما لم يتم احتواؤها فإنها تصبح عائقًا أمام نموِّهم العاطفي والعقلي وحتى الجسدي بشكل صحي، فالتحرُّر من المخاوف هو ما يدفع الطفل لاكتشاف قدراته وتجربتها، فينمو بشكل صحي، فكيف نحمي أطفالنا من الخوف، ليكبروا بنفوس آمنة مطمئنة؟
مؤلف كتاب مخاوف الأطفال
هيلين روس: مارست العلاج النفسي وكانت تدير معهدًا للتحليل النفسي في أمريكا.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد محمد خيري: حاصل على الدكتوراه في علم النفس، ورئيس سابق لقسم الدراسات النفسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ثم عميدًا للكلية، وهو صاحب كتاب “الإحصاء النفسي”.