حروب فاشلة
حروب فاشلة
خاض خمس وتسعون بالمائة من المجتمعات البشرية حروبًا ومعارك لفترات طويلة كما أثبت علم الإحاثة، والحروب هي منطلق كل الأخطاء، ومثال متجسِّد لما قد يكمن في الإنسان من شر وتعطُّش إلى الدماء.
لكن وكأمثلة لأكثر الحروب فشلًا، فإن أفضل مثال هو معركة قادش عام 1625 حين قرَّر الإنجليز بأمر من الملك تشارلز الأول الذي كان غاضبًا من الإسبان لرفضهم تزويجه أميرتهم، أن يشنُّوا غارات لسرقة الذهب والفضة القادمة إلى إسبانيا من الأمريكتين، واتجهت نحو مائة سفينة على متنها 15 ألف جندي للسطو على الأسطول الإسباني، لكنهم لم يكونوا مهيئين جيدًا، وسرعان ما نفدت مؤنتهم، فسمح لهم القائد بالبحث عن الطعام والشراب، فبحثوا بدلًا من ذلك عن النبيذ وراحوا يسكرون، ولما تنبه القائد لما حصل أمر الجنود بالعودة وألغى الحملة، لكن ألفًا من الجند ظلوا يحومون حول الحانات لشدة سكرهم، حتى وصل الإسبان وقتلوهم.
وفي حادثة أخرى أعد الجيش النمساوي لشنِّ حملة على العثمانيين الذين لم يكونوا على علم بالأمر، وبسياق ما أو بآخر سكر الجنود، وانطلق عيار ناري مجهول المصدر فساد الهلع وصرخ البعض أن الأتراك قد هجموا، فأطلق الجميع النار في ظلمة الليل، ولما حلَّ الصباح وُجد أن الحاميتين النمساويتين قد تقاتلتا دون وجود للأتراك من الأصل!
وعند اندلاع الحرب الأمريكية الإسبانية، نسيت الحكومة الاستعمارية الإسبانية أن تعلم حكومة جزيرة غوام باندلاع الحرب، وعندما أطلقت المدفعية الأمريكية القذائف أمام حصن سانتا كروز الإسباني، أرسلت قيادة الجزيرة شكرًا لهم على التحية واعتذروا عن عدم تمكُّنهم من ردِّها لأن المقاتلات في الجانب الآخر من الجزيرة، فأجابت القوات الأمريكية أن القذائف كانت لاندلاع الحرب وليست للتحية! فأصاب الهلع قيادة الجزيرة التي لم تكن تعلم بشأن تلك الحرب، واستمرَّت المراسلات بين الطرفين حتى استسلمت جزيرة غوام، وأصبحت تحت الحكم الأمريكي حتى يومنا هذا.
الفكرة من كتاب البشر.. موجز تاريخ الفشل وكيف أفسدنا كل شيء
“لقد وضعت كتابي هذا لأحكي فيه عن البشر وقدرتهم العجيبة على تخريب كل شيء، عن كل لحظة امتلأنا بها فخرًا لكوننا بشرًا أمام عمل فني لا يضاهى، أو إنجاز علمي تفوَّقنا به على أنفسنا، بينما الحسرة واليأس يملآن قلوبنا لأجل كل تلك الحروب والتلوث الذي لا يضاهيه شيء”.
يتحدث هذا الكتاب عن أخطاء البشر على مدى التاريخ، في كل المجالات؛ سواء البيئة والسياسة والحروب والتكنولوجيا، فقد كانت الأسباب التي جعلتنا قادرين على تحقيق أعظم الإنجازات من قدرة على التحليل والتخيُّل ورغبة في المعرفة، هي نفسها الأسباب التي أفسدنا بها كل شيء، فالبشر كانوا ولا يزالون يعانون قصر النظر، وعدم القدرة على التنبؤ الدقيق بمآلات أفعالهم، ومع التطور التكنولوجي الهائل الذي صحبه معدل تغير سريع للغاية في الأحداث، كان من الصعب مواجهة تلك المشكلة التي تفاقمت بالفعل، ففي عالم اليوم هناك شيء ما يحدث لأول مرة كل يوم.
مؤلف كتاب البشر.. موجز تاريخ الفشل وكيف أفسدنا كل شيء
توم فيليبس Tom phillips: صحفي ومؤلف، وهو محرِّر منظمة Full Fact، وهي مؤسسة خيرية مستقلة لمراجعة الحقائق في المملكة المتحدة، شغل سابقًا منصب مدير التحرير في BuzzFeed UK، كما عمل أيضًا مع MSN وMetro، وفي تطوير التلفزيون.
من كتبه ومؤلفاته:
الحقيقة.. لمحة مختصرة عن تاريخ الهراء.
البشر.. موجز تاريخ الفشل وكيف أفسدنا كل شيء.