تعلم القراءة والكتابة

تعلم القراءة والكتابة
دعونا نتفق أن تعلم المهارات الأساسية من القراءة والكتابة والحساب هو الهدف الأول للأنظمة التعليمية، ومن دون أن نفهم كيف نتعلم هذه المهارات لن نكون قادرين على تحسين هذه الأنظمة ورفع قدرتها على تحقيق أهدافها التعليمية، ولهذا سنبدأ مع مهارة القراءة ونرى كيف نكتسبها منذ الصغر. يمكننا القول إن القراءة محصلة عديد من المهارات الأخرى، مثل: الرؤية والسمع والتخيل وتكوين العلاقات، فعندما يبدأ الطفل في القراءة يرى الحروف والكلمات ويسمع أصواتها من المعلم، ثم يتخيل الصور الدالة على الكلمات ويربط كل ذلك في ذهنه. والقراءة كغيرها من الصفات والمهارات لا ترتبط بجينٍ محدد، بل تتأثر بجينات كثيرة وكذلك خبرات بيئية عديدة، ومن خلال دراسات وأبحاث جينية مختلفة أُثبِت أن تلقي قدر كبير من الاهتمام بالتعليم -ولا سيما القراءة في مرحلة ما قبل الالتحاق بالمدرسة- يزيد من قدرة كل الأطفال تقريبًا ومهاراتهم، أي إن تأثير البيئة يصبح العامل المؤثر، ولكن بدايةً من الصف الأول الابتدائي تظهر الاختلافات الفردية بين طالب وآخر نتيجة سيطرة التأثير الجيني.

إذًا كيف يمكننا الاستفادة من هذه النتائج؟ تفيد هذه النتائج بأن بإمكاننا رفع متوسط الأداء وإفادة كل الطلاب مهما كانت قدراتهم، بتطبيق تدخلات كلية تهدف إلى تحسين النظام التعليمي، مثل زيادة المتابعة واستخدام وسائل جديدة في الشرح وتدريب المعلمين، مع الوضع في الاعتبار أن هذا لن يجعل كل الطلاب فائقين، ولن يُلغي القدرات والفروق الفردية، ولكنه سيحسن المستوى العام ويرفع من كفاءة التعليم، وسيعطي فرصًا متساوية لينمي كل طالب ما لديه من مهارات، وسيكون بمنزلة نقطة انطلاق مناسبة للجميع، لأنه حتى الطفل الفائق بالقراءة جينيًّا لن يظهر تفوقه ما لم يعلمه أحد، وإلى جانب النظام المدرسي لا يمكن إهمال دور الأسرة والبيئة المحيطة بالطفل، فمع ارتفاع المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي للوالدين تزداد القدرة اللغوية والتعليمية لدى الطفل. ومن القراءة ننتقل إلى مهارة الكتابة، وسنجد أنها لا تختلف كثيرًا عن مهارة القراءة، إذ لا يوجد جين واحد مسؤول عنها، وتتأثر بكل من العوامل الجينية والبيئية، وأن من يعانون صعوبات في الكتابة لا يختلفون جينيًّا بشكل كبير عن الآخرين، وكل ما يحتاجون إليه اهتمامٌ أكبر وتخصيص أساليب تعليمية تناسبهم وتساعدهم على التحسن.
الفكرة من كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
لا بد أنك مررت بدروس الجينات والـDNA والصفات الوراثية في مادة الأحياء، ولكن هل لهذا علاقة بالتعلم؟ وهل يمكن للجينات أن تساعدنا على إنشاء أنظمة تعليمية أفضل؟ ولأي شيء يخضع المستوى الدراسي للطلاب؟ للجينات أم العوامل البيئية المحيطة؟ وهل للنجاح والفشل جين محدد سحري يمكنه قلب حياتنا رأسًا على عقب؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سيجيبنا عنها علم الوراثة السلوكي، فدعونا نبدأ.
مؤلف كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
كاثرين آسبري: مُحاضِرة بمركز علم النفس والتعليم في جامعة يورك بالمملكة المتحدة، مهتمة بتأثير بيئة المنزل والمدرسة في مستوى تحصيل الأطفال وسلوكياتهم ومدى سعادتهم، ولها عديد من الأبحاث في هذا المجال.
روبرت بلومين: عالم أمريكي متخصص في مجالي الوراثة وعلم النفس، اشتهر بعمله في دراسات التوائم وعلم الوراثة السلوكية، وهو أستاذ علم الجينات السلوكي بمركز الطب النفسي الاجتماعي والجيني والتنموي بمجلس الأبحاث الطبية في جامعة كينجز كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، وله أكثر من ٥٠٠ بحثٍ وأكثر من عشرة كتب في عِلْم الجينات السلوكي، ومن مؤلفاته:
Blueprint
Behavioral genetics
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: حصل على ليسانس الآداب والتربية عام 2006، عمل في الترجمة وتحرير اللغة الإنجليزية، وترجم لمؤسسات مثل مكتبة جرير ومؤسسة هنداوي، ومن أعماله:
الكون الرقمي.. الثورة العالمية في الاتصالات.
علم النفس الشرعي.. مقدمة قصيرة جدًّا.
أصوات حيوية.. نساء يغيرن العالم.