تطور الكتابة من الفراعنة إلى اليونان.. بحضور عربي
تطور الكتابة من الفراعنة إلى اليونان.. بحضور عربي
تثبت الآثار المحفوظة أن المصريين القدماء تطوَّرت كتابتهم من رسم الصور إلى رسم المقاطع ثم رسم الحروف التي نسميها اليوم بالحروف الأبجدية، ويسميها الأوروبيون بحروف “الألف باء تاء” Alphabet نقلًا عن العربية، وكانت تلك الحروف مقتصرة على الكتابات الدينية والرسمية، ثم بدأت تنتشر في المعاملات العامة بعدما نقلت عن طريق سيناء إلى البلاد التي تقع على طريق التجارة الشرقية، مرورًا بخليج العرب إلى مدن فلسطين والشام وحتى الهند.
وبالانتقال إلى الثقافة اليونانية وبالأخص أبجديتها، فمن الضروري أن نعلم أن اليونانيين قد تعلموا الكتابة كذلك وعرفوا رسم الحروف من “قدموس” الفينيقي، ونحن نجد حضورًا للثقافة العربية فيها، وهذا ما يؤكد قدم الثقافة العربية ومجاورتها للثقافة اليونانية، فالأبجدية كذلك عند اليونان تُسمَّى “ألفابيتا” وتبدأ أيضًا بالألف والباء والتاء، ثم نجد بعض الحروف بلفظها العربي، لذا يرجِّح المؤرخون أن اليونانيين قد نقلوا حروفهم من البلاد العربية ولم يقتبسوها فقط من الفينيقيين، فعلى سبيل المثال: نجد في كتاب خيرشوف Kirchhoff الشهير عن الأبجدية اليونانية أن حروفًا مثل الجيم واللام والسين قريبة إلى حروف المسند -الحروف المعروفة في الحضارة اليمنية- بشكل أكبر من الحروف الفينيقية.
والثابت في التاريخ أن الحروف اليونانية القديمة كانت كالعربية تُكتب من اليمين إلى اليسار، وهذا ما ذكره المؤرخ “هيرودوت” حين قال إن الأيونيين -وهم اليونان- قاموا بنقل الكتابة بغير تصرُّف، أي دون تعديل، وذلك يوضِّح أن العرب في القِدَم وصلوا بتأثيرهم إلى بلاد اليونان، وهذا ما تؤكِّده اللغة وحدها في تشابه الكلمات مثل اسم “عسكرا” أي العسكر، و”لاريسا” أي العريش، و”برجوس” أي البرج، وكلمة “سيرا” التي تعني السير.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أو بمعنى أدق إلى الوراء كثيرًا، لوجدنا أن أقدم الثقافات في تاريخ البشرية ثلاث، وهي: الثقافة العربية، والثقافة اليونانية، والثقافة العبرية، والحق أن الثقافة العربية هي أقدمها، ورغم كون الأمر غريبًا بعض الشيء فإنه مُثبت بأدلة تاريخية واضحة، ويهتم هذا الكتاب بذكرها، ولكن ماذا إذا كانت قراءة تاريخ أمةٍ منذ بدايتها تجعلنا نعرف أشد نقاط ضعفها؟ وهذا يشمل حتى كونها أقوى الأمم في وقتنا الحالي، هنا يتعيَّن علينا استخدام قاعدة أن التاريخ دائمًا ما يُعيد نفسه ولو اختلفت أدواته.
مؤلف كتاب الثقافة العربية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964): أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ويُعد أحد عمالقة الأدب في مصر والعالم العربي، ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، إذ عُرف بأنه رجل موسوعي المعرفة، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت مئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
– حياة قلم.
– سلسلة العبقريات.
– الفلسفة القرآنية.
– أثر العرب في الحضارة الأوروبية.