تسبب القهوة والسكر في اضطهاد كثيرين

تسبب القهوة والسكر في اضطهاد كثيرين
استمرت القوى الاستعمارية في نقل نباتات البن إلى مستعمراتها، وجلب العبيد من إفريقيا لأداء هذا العمل، وكان السبب الأساسي لجلبهم إلى منطقة البحر الكاريبي حصاد قصب السكر، فأصبحت «سانتو دومينجو» أغنى مستعمرة في المنطقة، وأكثرها تصديرًا لمحصولي البن والسكر، واعتمدت عليها أوربا في استهلاك القهوة، وبعد ذلك توقف أصحاب المزارع عن زراعة قصب السكر، وجلبوا العبيد من غرب إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي لزراعة البن، الذين مروا بظروف معيشية قاسية وشروط عمل مروعة، فعاشوا في أكواخ، وتعرضوا لسوء التغذية والمعاملة الوحشية، والعمل المرهق الطويل غير المحتمل، فكان السكر والقهوة سببين لتعاسة منطقتي إفريقيا والكاريبي، وفي النهاية بلغ غضب العبيد أقصاه وثاروا في «هيسبانيولا | Hispaniola» عام ١٧٩١م، وهي ثورة العبيد الوحيدة الناجحة في التاريخ واستمرت لمدة ١٢ سنة، مما أدى إلى تدهور محصول البن وحدوث أضرار جسيمة له، فتولت شركة الهند الشرقية الهولندية ملء فجوة البن عن طريق تزويد السوق العالمية بِبُنِّ جزيرة جاوة، الذي كان يُنتجه العبيد أيضًا.

في القرن العشرين والحادي والعشرين ظهرت القهوة السريعة التحضير، فالقهوة صارت ضرورة يومية وليست سلعة كمالية، وإعدادها يتطلب وقتًا وجهدًا على مستويات مختلفة، فازدادت بشكل كبير شعبية القهوة السريعة التحضير، وأسهمت في ظهورها الأزمة الاقتصادية في البرازيل واندلاع الحرب، إذ تراكمت كميات ضخمة من حبوب البن في مخازن البرازيل عام ١٩٢٩، وكيلا تنخفض أسعاره، تخلصت من الفائض بالحرق أو الرمي في المحيط، وعادت تلك الأزمة بالنفع على “نستله” الشركة المحلية السويسرية التي تصنع الشوكلاتة والحليب المكثف، فاستثمرت في تلك القهوة الرخيصة، وابتكرت قهوة سريعة الذوبان لذيذة المذاق، وكان الكيميائي «ماكس مورجانت هيلر» القائمَ على هذا المشروع، فقضى سبع سنوات في احتراف عملية الإعداد، وسمَّاها نسكافيه، وعُرِضت في الأسواق في عام ١٩٣٨م، كما أثَّرت الحروب في شعبية هذه القهوة لأنها كانت شيئًا أساسيًّا للجنود وصُنَّاع الأسلحة في الحربَيْن العالميتَيْن.
كما ظهرت القهوة المنزوعة الكافيين، والإسبريسو، وأسهمت في ظهورهما عدة محاولات من باحثين وتقديم براءات اختراع، فأعد الإيطاليون القهوة باهتمام وبراعة، وصنعوا آلات إعداد الإسبريسو، التي تطورت حتى أصبحت تصنع الكريمة أي الرغوة التي تعلو القهوة، والتي تجعل مذاقها أكثر اكتمالًا ونكهتها لذيذة تستمر لوقت أطول.
الفكرة من كتاب حبوب البن الساحرة: التاريخ المختصر للقهوة
القهوة هي المشروب المفضل لدى كثيرين، واحتساؤها جزء أساسي من يومهم، وتتعدد أنواعها وطرائق إعدادها، ولكل محتسٍ لمسته الخاصة، لكن هل تعلم أن العرب لهم الفضل في اكتشاف هذا المشروب الرائع؟ وأن القهوة تجاوزت كونها مشروبًا لتؤثر تأثيرًا بالغًا في السياسة والاقتصاد والأدب والمجتمع؟ اصطحب قهوتك ولنطّلع على تاريخ القهوة من المنشأ حتى القرن الحادي والعشرين.
مؤلف كتاب حبوب البن الساحرة: التاريخ المختصر للقهوة
جوردون كير: ولد في مدينة «إيست كيلبرايد الإسكتلندية الجديدة»، وتخرج في جامعة «جلاسكو»، ثم انتقل إلى فرنسا، وبعد ذلك عَمِل في لندن في تجارة النبيذ، ثم في مجال التسويق لبيع الكتب والنشر، ثم أصبح كاتبًا متفرغًا، أَلَّف أعمالًا كثيرة في مجالات متنوعة، من ضمنها الفن والتاريخ والجريمة الحقيقية والسفر والفكاهة، ومن تلك الأعمال: كتاب: «A Short History of the Middle East: From Ancient Empires to Islamic State» وكتاب: «Mafia Men: Hoodwinkers, suckers and scams» ورواية: «The Partisan Heart»
معلومات عن المترجم:
منتدى فايز علمي: مترجم متميز، من ترجماته:
قبل أن تبرد القهوة.
لماذا نأكل كثيرًا