بيان حقيقة الاجتهاد وشروطه
بيان حقيقة الاجتهاد وشروطه
الاجتهاد بذل الجهد اللازم من أجل إدراك الأحكام الشرعية الفرعية، من أدلتها التفصيلية، الراجعة إلى أربعة أقسام رئيسة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاجتهاد أعم من بذل الجهد في إدراك حكم قد سبق التكلم فيه من العلماء، سواء وافقهم فيه أو خالفهم، وبناءً عليه فإن وافق ذلك المجتهد شيخه في عدَّة مسائل لا ينفي عنه وصف الاجتهاد، وعلى ذلك فإن المجتهد لا يخلو منه زمن من الأزمنة.
والعالِم حتى يكون مجتهدًا لا بدَّ أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط، أولها أن يكون جامعًا لخمسة أنواع من العلوم: علم الكتاب، وعلم السنة، ومواقع الإجماع والاختلاف بين السلف، وعلم اللغة العربية، وعلم القياس، فإذا عرف تلك العلوم فهو حينئذٍ مجتهد مطلق، وإذا لم يعرف واحدًا من تلك العلوم، فسبيله التقليد.
والمجتهد المطلق الذي جمع العلوم الخمسة السابقة، على نوعين: النوع الأول (المجتهد المطلق المستقل)، ويتمتع بثلاث خِصال: أولاها- أنه يستطيع أن يتصرَّف في الأصول التي يبني عليها اجتهاده، ثانيتها- أنه يستطيع تتبع الأحكام التي سبق الإجابة عنها، وأن يقوم ببيان الراجح منها، وثالثتها- الكلام في المسائل التي لم يُسبق بالجواب عنها، أما النوع الثاني فهو (المجتهد المطلق المنتسب)، وهو الذي يأخذ بأصول شيخه، ويستعين بكلامه في تتبُّع الأدلة، والتنبيه على المآخذ، قادرًا على استنباط المسائل من الأحكام.
الفكرة من كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
أصبح موقف الناس من علماء الدين بين إفراطٍ وتفريطٍ، فقد نجد البعض يطعن في العلماء وأهل العِلم بالسب والقذف، والتقليل من شأنهم وعدم حفظ أي مقام لهم، والبعض الآخر على النقيض أخذ يُعظِّم العلماء، ويمنع توجيه النقد إليهم، كما دعوا إلى تقليدهم تقليد الجامد على موروثه، فأنزلوهم منزلة المعصومين من الخطأ، وكلٌّ من الفريقين قد أخطأ الدرب، وجانب الصواب، ولكن الحق والصواب أن نُجلَّ العلماء ونحفظ لهم قدرهم، وليس معنى الإجلال للعالِم أن نوالي من والاه، ونعادي من عاداه، فذلك لا يكون لأحدٍ غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
شاه وليُّ الله الدهلوي الهندي، من العلماء المجدِّدين في القرن الثامن عشر الميلادي، قام بإحياء علوم الكتاب والسنة النبوية، وكتب فيها كتبًا عديدة منها: كتابا “الفوز الكبير في أصول التفسير”، و”شرح تراجم أبواب البخاري”، كما حارب الجمود والتقليد الذي ساد عصره، وألَّف في ذلك عدة كتب، منها: “عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد”، وقام بالتجديد الفكري والعلمي، وألف في ذلك كتبًا منها: “حجة الله البالغة”، و”البذور البازغة”.