براءة من السماء

براءة من السماء
دامت حياتها الزوجية (رضي الله عنها) تسع سنين وأخطر ما ألمَّ بها هو حديث الإفك، وهي شائعة من بعض المنافقين وعلى رأسهم عبد الله بن أبيّ بن سلول زعيم الخزرج، الذي كان مطبوعًا على النفاق مشهورًا به بين أصحابه وخصومه، حيث كانت غزوة بني المصطلق وكان ﷺ على عادته إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرجت معه.

وكان الخروج من نصيب عائشة (رضي الله عنها)، فخرجت محمولة في هودجها حتى إذا فرغ رسول الله من الغزوة واقتربوا من المدينة مشت حتى جاوزت الجيش لقضاء بعض شأنها، فلما عادت تحسَّست رقبتها فإذا عقدها قد انسلَّ منها، ثم عادت تفقده، ثم رجعت إلى مكان هودجها فإذا هم قد رحلوا حاملين هودجها ظنًّا منهم أنها فيه، وذلك لخفَّتها كشأن النساء آنذاك فأقامت حيث هي، وظنَّت أنهم سيرجعون إليها إذا أحسوا غيبتها.
وبينما هي جالسة فإذا بصفوان بن المعطل كان يتأخر عن الجيش ليلتقط ما يسقط من المتاع رآها على البعد، فجعل يسترجع ويقول إنا لله وإنا إليه راجعون لتنتبه، ثم قرب البعير لتركب ودون أن ينطق بكلمة، وأخذ يقود بها الراحلة حتى أدرك الجيش في الظهيرة، ورأى ابن سلول هذا فأطلق لسانه بهذا الافتراء حتى نزل الوحي على رسول الله فلما سُرِّي عنه وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم أن قال أبشري يا عائشة فقد برأك الله، وفي ذلك أنزل الله قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ عشر آيات فيها البراءة.
الفكرة من كتاب الصديقة بنت الصديق
يتناول هذا الكتاب سيرة سيدة من سيدات بيت النبوة وهي أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، يستهله المؤلف بمقدمة عن صورة المرأة في العصر الجاهلي ووضعها في ذلك الوقت، ثم ينتقل إلى حياة أم المؤمنين عن قرب وملامح شخصيتها وأبرز محطات حياتها منذ الصغر ونشأتها في بيت أبي بكر الصديق، حتى زواجها من النبي ﷺ، يستعرض فيه عدة مواقف وأحداثًا متفرقة من حياتها قبل وبعد الزواج، وأحوالها كزوجة لخير الخلق أجمعين ومواقفها معه، وكيف كانت أحب النساء إليه ودورها في حفظ وخدمة سنة الرسول الكريم بعد وفاته، ويختتمه بالحديث عن حقوق المرأة بين المساواة والإنصاف، نجد في سيرتها قدوة حسنة تقتدي بها كل امرأة ومثلًا من أمثلة الأنوثة الخالدة على مر العصور.
مؤلف كتاب الصديقة بنت الصديق
عباس محمود العقاد: كاتب ومفكر ومؤرخ مصري، ولد بأسوان عام 1889، لُقِّب بالعقاد نسبة إلى جده الذي كان يعمل بأحد مصانع الحرير، لم يحصل من الشهادات إلا على التعليم الابتدائي، ولكن ظهر نبوغه في مجالات مختلفة بسبب عكوفه على القراءة والتثقيف الذاتي، فكان يكتب في السياسة والفلسفة والأدب والنقد والشعر وتراجم الأعلام ومشاهير الفكر.
وقد نال عضوية مجمع اللغة العربية، وكان عُضْوًا مُراسِلًا للمجمع ببغداد ودمشق، كما منحته جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية، ولكنه رفضها مثل جائزة الدولة التقديرية، وأسَّس مع المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة “الديوان”، وله الكثير من المؤلفات جاوزت المائة، أشهرها سيرته الذاتية “أنا” وسلسلة “العبقريات” و”التفكير فريضة إسلامية” وغيرها، وله رواية واحدة فقط هي “سارة”.