اليوم الأخير في الطب
اليوم الأخير في الطب
في ظهيرة يوم الخامس من ديسمبر 2010م، كان طبيبنا يُشرف على عمل طبيبة مقيمة ماهرة، وكانا قد أوشكا على البدء بعملية قيصرية لمريضة، أخبرت الطبيبة “كاي” بأنها تريد إجراء العملية بنفسها وأن يكتفي هو بمتابعتها في أثناء العملية، بدأت الطبيبة في قطع طبقات بطن الأم، ثم الجلد، ثم الدهون، ثم العضلات، ثم الصفاف الأول، يليه الصفاف الثاني، وأخيرًا الرحم، ثم كانت المفاجأة، خرج دم بدلًا من سائل الجنين! بالتأكيد هناك مشكلة، اضطرب طبيبنا، ولكنه حاول المحافظة على هدوئه والتعامل مع الموقف، وطلب من الطبيبة المبتدئة الاستمرار في العملية، ولكنها أخبرته أن شيئًا في الداخل يعوقها وأنها لا تستطيع معرفة ما هو، تقدم طبيبنا ليتضح أن المريضة تعاني من انزياح في المشيمة لم يُشخَّص من قبل، ولو علم “كاي” بهذا من قبل لم يكن ليسمح للمريضة بالدخول إلى غرفة العمليات، أخرج المشيمة ثم الطفل الذي كان ميتًا
وكانت الأم تنزف بشدة وكل المحاولات لإيقاف نزيف الرحم باءت بالفشل، حاول “كاي” تلقي الدعم من استشارية كبيرة لتأتي، ولكن أيضًا النزيف لا يتوقف، وكادت المريضة تتعرض لفشل أحد أعضائها نتيجة لفقد السوائل من جسدها، اتصلت الاستشارية بأكثر الجراحين خبرة ليأتي ويتم الحل الوحيد لإنقاذ المريضة وهو استئصال الرحم، بعد أن فقدت اثني عشر لترًا من الدم، نُقلت المريضة إلى غرفة العناية المركزة، وخرجت الاستشارية للتحدث مع زوج المريضة وإخباره بالوضع، بينما توقف طبيبنا للبكاء لمدة ساعة كاملة.
لم تكن المرة الأولى التي يشاهد فيها طبيبنا وفاة طفل خلال عمله في المستشفى، ولكن هذه الحادثة الأولى التي تحدث وهو أكثر الأطباء خبرة في الجناح، لقد اعتمد الجميع عليه في تحميله مسؤولية إنقاذ الموقف، ولكنه لم يستطع! وعلى الرغم من هذا لم تكن الوفاة بسبب تهاون منه، ولم يقل له أحد هذا على الإطلاق، وعلى هذا الأساس حدد المجلس الطبي العام عدم معاقبته، فأيًّا من كان مسؤولًا عن هذه الحالة في ذلك الوقت، لفعل مثلما فعل “كاي” تمامًا.
الفكرة من كتاب هذا الكتاب سيؤلمك.. يوميات سرية لطبيب مبتدئ
قرر طبيب النساء والولادة “آدم كاي” بعد ست سنوات من التدريب وست سنوات أخرى قضاها في أزقة المستشفيات، أن يستقيل من عمله طبيبًا، فما السبب الذي قد يدفع طبيبًا -قطع فصلًا كبيرًا من حياته في المهن الطبية متنقلًا فيها، من طبيب امتياز مبتدئ يجري خلف الاستشاريين ذوي الخبرة ليتعلم منهم، إلى أن أصبح هو نفسه استشاريًّا كبيرًا يشرف على الأطباء المبتدئين- إلى أن يستقيل؟ وهل كان الأمر بهذه السهولة؟
يخبرنا “كاي” في هذا الكتاب -الذي كتبه بعد ست سنوات من مغادرته الطب- عن يومياته التي دوّنها في أثناء ممارسته للمهنة بين إخفاقات مُحتملة، ونجاحات دفعته إلى المزيد، إلى أن وصل إلى صدمة حالت بينه وبين الرجوع إلى المستشفيات مرة أخرى.
مؤلف كتاب هذا الكتاب سيؤلمك.. يوميات سرية لطبيب مبتدئ
آدم كاي: كاتب ومؤلف وكوميدي بريطاني وطبيب سابق، درس كاي الطب في كلية لندن الإمبراطورية وتخرج فيها، وعمل طبيبًا بين عامي 2004 إلى 2010، وكان تخصصه طب النساء والولادة، وترك المهنة بسبب صدمته في حادث حصل لإحدى مريضاته الحوامل، لينتقل بعدها إلى العمل في الكتابة.
له عدد من المؤلفات منها:
Kay’s Anatomy
How to Be a Bogus Doctor
Dear NHS: 100 Stories to Say Thank You
معلومات عن المترجم:
محمد الضبع: مترجم وشاعر سعودي من أصل يمني، عاش ودرس في مدينة جازان، وأنجز عديدًا من الترجمات الأدبية، كما له بعض المؤلفات منها:
اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة.
أسباب للبقاء حيًّا.
المدينة الوحيدة.