الوضع لم يتغير

الوضع لم يتغير
قد يعتقد بعض الناس أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد غيّرت نفسية البشر وطريقة تعاملهم التي اعتادوها منذ القدم، ولكن هذا التقدم لم يغير كثيرًا، فنجد أن على الرغم من أن مستخدمي الإنترنت لديهم آلاف بل ملايين من المواقع والأشخاص الذين بإمكانهم التعرف عليهم، فإن بعد فترة من استخدام الإنترنت، يقتصر المستخدم على مواقع محددة وفئة معينة من الأشخاص ولا يخرج عن هذه الدائرة التي كوّنها، في ما يعرف “بالقبيلة الرقْمية”، وهذا الأمر تتفق فيه جميع طبقات المجتمع ولكن بدرجات متفاوتة.
وتستفيد الشركات ومجموعة من الجماعات من هذه القبائل بترويج أفكار متطرفة أو بيع منتجاتها التي قد لا تكون بجودة جيدة، ولكنها تعتمد على عقلية القبيلة المتمثلة في هؤلاء الأشخاص المجتمعين، وقد ذَكَرَ “سْتْرُوجَاتْسْ” و”واطس” بعد دراسة أجرياها على رواد التواصل الاجتماعي أن استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى عودة العالم إلى الوراء وإلى الكهوف المنعزلة ولكن في هيئة تقنية متقدمة.
ومن الأمور التي لم تتغير بل ازدادت سوءًا مع ظهور الإنترنت، صناعة الكذب وتضليل الرأي العام في ما يعرف بـ”الحرائق الرقْمية”، التي تعني إشاعة معلومة خاطئة وجعلها تنتشر بسرعة كبيرة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وربما يكون لها تأثير مدمر قبل أن تُصَحَّح، ومن نماذج تلك الحرائق انتشار شائعة حدوث انفجار في البيت الأبيض وإصابة الرئيس الأمريكي عام 2014م، وقد وُضِعَت هذه الحرائق الرقْمية ضمن قائمة المخاطر التي ستواجه العالم في السنوات العشرة القادمة.
ونشر الأكاذيب يتم بصور مختلفة، إذ أصبحت الاستعانة بالوسائل الحديثة تجعل هذا الكذب أقرب إلى الحقيقة، لهذا ينبغي لنا أن ندقق في المعلومات والأخبار قبل إعادة نشرها، لتقليل خطر هذه الأخبار.
والأمر الأهم الذي لم يتغير مع ظهور الإنترنت هو حاجة الزعامات إلى التجسس، فالحكومات تعمل مع شبكات الإنترنت للحصول على أكبر قدر من المعلومات عن مواطنيها، وهناك “خريطة حرارية” تقابل خريطة العالم، ولكن دورها مختلف عن الأخرى فهي تُعرِّض درجة أنشطة الإنترنت للمراقبة والتجسس في كل دولة.
وإذا كنت تعتقد أن دول العالم الثالث هي من تتعرض للتجسس، فدعني أخبرك أن كثيرًا من شعب أمريكا يفكرون في الانقطاع عن هذه الوسائل؛ خوفَ تعرضهم للمراقبة التي تفرضها الحكومات الأمريكية، وتمتلك مبررات جاهزة لها.
الفكرة من كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
لا تخلو الحياةُ اليوم من ظهور ابتكارات تجعل الحياة أكثر سهولة وتربطها بشكل أكبر بالإنترنت، فأنت أصبحت تُفضل التسوق عن طريق الصفحات والتطبيقات بدلًا من النزول من منزلك لفعل هذا الأمر مُتَحَجِّجًا بتَوفير الوقت، ولكنك في الوقت نفسه تقضي وقتًا طويلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فما الذي اختلف إذًا؟
الإجابة عن هذا الأمر مرتبطة بالإنترنت والتغييرات التي سببها منذ ظهوره، لهذا يأتي هذا الكتاب ليقدم إليك ملخصًا سريعًا للاختراعات الفاصلة التي غيرت حياتنا، ومن ضمنها الإنترنت وأثره في تغيير المنظومة التي يُدار بها العالم، كما يوضح الأضرار الناتجة عن وسائل التواصل وما أحدثته في نفوس البشر، وهل تتجسس علينا هذه المواقع حقًّا، مما قد يجعلنا نُضْطَرّ إلى العودة إلى استخدام الرسائل البريدية بدلًا من هذه الوسائل وإن كانت أبطأ من الإنترنت؟
الآن كن مستعدًّا لمعرفة كل هذا وأكثر من خلال ملخص تاريخ الإنترنت.
مؤلف كتاب نبوءة آمون: موجز تاريخ الإنترنت
خالد الغمري: أستاذ مساعد اللُّغويات الحاسوبية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، حاصل على الدكتوراه من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، شارك في تأسيس “مرصد المحتوى العربي على شبكة الإنترنت” التابع لـ”مؤسسة الفِكر العربي”، و”منتدى وسط غرب أمريكا للغويات الحاسوبية”.
له عدد من المقالات نُشرَت بجريدة الأهرام، تناولت الحديث عن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، وأثرها في الثقافة والمعرفة والمجتمع والسياسة، كما قدم عديدًا من الأبحاث حول المعالجة الآلية للغة العربية والمحتوى الرقْمي العربي، وألّف كتاب “برج مغيزل: مواقع التواصل الشخصي”.




