المرونة في النظام المنزلي
المرونة في النظام المنزلي
ينقسم الداعمون للتعليم المنزلي إلى فئتين: فئة أيديولوجية تعني بها أولياء الأمور الذين يؤمنون بضرورة ترسيخ الهوية، سواء الدينية أو العرقية أو القومية أو ما شابه، لدى أبنائهم من الطلاب، ويرون أن المدرسة لا تقوم بذلك، وإنما تقوم بعملية مزج لإنتاج مسخ ليس له هوية، وإنما هوية عالمية ليس لها أصول، وبالتالي فهم يرون أن التعليم المنزلي يضمن لهم دخول القيم التي يريدون لأطفالهم التمتع بها. بالإضافة إلى الأيديولوجيين، يوجد التربويون وهذه الفئة اختارت التعليم المنزلي لاستيائها من المدارس العامة من الناحية الاجتماعية والأكاديمية.
ترجع الأسباب والدوافع وراء تفضيل الأكاديميين التربويين وأولياء الأمور لعملية التعليم المنزلي إلى اثنين من المفاهيم المحورية الحاكمة عليهما، وهما: الحرية، والمرونة، ويقصد بالمرونة سهولة التغير والتكيف مع الأوضاع والفروقات الفردية المختلفة بين الطالب والآخر، إذ إنه، وبالمقابلة لنظام التعليم المدرسي، لا يشترط وجود مكان محدد ولا منهج دراسي بعدد ساعات ثابت، إضافةً إلى مراعاة الفروقات الشخصية والتحصيلية بين الطلبة المختلفين، وتلك من أهم الفروقات بينه وبين التعليم المدرسي، حيث تنبع الفلسفة الأساسية منه هو أن التمركز يكون حول الطالب وليس حول المعلم، كما ذكرنا من قبل، ويمكن أن يرجع ذلك التمركز لتأثير الفلسفة الوجودية على أفكار المنظِّرين للتعليم المنزلي، وهو ما صرحت به المؤلفة في الكتاب، حيث تعتني تلك الفلسفة بدور الفرد وأنه هو مصدر المعرفة، وبالتالي الهدف من مركزية الطالب هو تسهيل الطريق للطلاب لاكتشاف المعرفة، فتقدم الدروس حسب حاجتهم وحسب منطق الطفل، حيث تقول الكاتبة إنه في حالة التعليم المنزلي يحدَّد التعلم بواسطة تفاعل ديناميكي، معتمدًا على اهتمامات الطفل ودوافعه وحب الاستطلاع والتحدي، بعكس المنهج التقليدي الذي يعتمد على منطق المنهج؛ حيث تُبنى المقرَّرات بشكل منطقي وخطوات مبسَّطة لتيسير التعليم، وتكون مهمة الطالب حينئذٍ متابعة خطة تعلم تم وضعها مسبقًا.
كما أنه من ضمن مظاهر المرونة المتعلقة بنظام التعليم المنزلي والمعتمدة كذلك على منطق الطفل المذكور سابقًا التأقلم في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بحيث تتأقلم مع نظامهم المختلف في التعلم والتكيف دون وجود منطق المنهج الذي لا يكترث لأولئك الأطفال بشكل كبير.
الفكرة من كتاب مصر بلا مدارس
مع تفشِّي عدد كبير من المشكلات بالنظام التربوي داخل مصر وآخرها الدروس الخصوصية والسياسات الحكومية المتعلقة بالمجال التعليمي بالعموم، كان لزامًا على الباحثين، كجزء من مهامهم الرئيسة، أن يبحثوا إما عن حلول للنظام القائم وإما عن بدائل تساعدهم أو يستبدلونها بالكلية، ومن هنا طرحت المؤلفة هذا الكتاب بهدف إبراز المشكلات المتعلقة بالنظام التربوي المعاصر داخل مصر، وإبراز نموذج بديل ذاع صيته في عدد كبير من الدول، ألا وهو “نظام التعليم المنزلي”، وتهدف من خلاله المؤلفة أن يكون التعليم المنزلي عاملًا مساعدًا على دعم النظام الحالي.
مؤلف كتاب مصر بلا مدارس
وفاء رفعت البسيوني: باحثة تربوية حصلت على الماجستير من معهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة عن كتابها “مصر بلا مدارس”، وهي محاضرة دولية ومستشارة تربوية بدولة الإمارات العربية المتحدة، لها مؤلف آخر بجانب المؤلف المزمع عرضه، وهو كتاب “المعلم المتمرد”، ويتعلق بذات المجال من الناحية التربوية.