المبادئ الأساسية لعلم الوراثة السلوكي

المبادئ الأساسية لعلم الوراثة السلوكي
توصل علم الوراثة السلوكي من خلال أبحاثه الكثيرة إلى مجموعة من المبادئ والأفكار الأساسية التي يسهم بها في النهوض بالمنظومة التعليمية، وأول هذه الأفكار أن التحصيل الدراسي والقدرة المعرفية يتفاوتان من شخص لآخر ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أسباب جينية، وليس صحيًّا ولا مجديًا إجبار كل الطلاب على تحقيق الدرجات نفسها، وإنما يجب احتضان تنوع القدرات وتشجيع كل فرد على التحسن بالشكل الذي يناسبه. أما الفكرة الثانية فتشير إلى عدم وجود جين واحد بعينه هو المسؤول عن القدرة أو عدم القدرة المعرفية للشخص، ولكن أي سلوك بشري تقف وراءه مجموعة كبيرة متداخلة من الجينات المختلفة، بالإضافة إلى أن وجود الجينات لا يعني ظهورًا حتميًّا للصفات التي تحملها، وإنما للبيئة دور كبير في ذلك من خلال التفاعل المتبادل بينها وبين الجينات، ونخلص من هذا إلى أنه لا يوجد اختلاف جيني كبير بين أستاذ الرياضيات وطالب راسب فيها.

والآن نصل إلى الفكرة الثالثة التي تقول إن الثبات جيني أما التغير فبيئي، بمعنى أن جينات المرء في المرحلة الابتدائية لا تختلف عن جيناته في الثانوية، بل تظل كما هي طوال حياته، أما العوامل البيئية فتتغير من مرحلة لأخرى ومن وقت لآخر، وديمومة الجينات هذه تتيح التركيز على العوامل البيئية المختلفة وتفاعلها وتأثيرها في الجينات. وها نحن نصل إلى الفكرة الرابعة، وتعني أن الجينات عامة أما البيئات فمتخصصة، أي إن الجينات نفسها قد تشترك في مجموعة كبيرة من القدرات المعرفية، كأن تجد جينًا واحدًا يؤثر في التحصيل الدراسي في القراءة والكتابة والحساب، وعلى الجانب الآخر نرى إمكانية صنع بيئات لها سمات محددة بهدف الحصول على نتيجة ما. وأما الفكرة الخامسة فتشير إلى أن البيئات تتأثر بالجينات، وهذا يعني أن الجينات والبيئات لا تعمل كل منهما في معزل عن الأخرى، ولكن يتعاونان بشكل وثيق لكي يظهر سلوك أو صفة ما على الشخص.
وإذا تطرقنا إلى الفكرة السادسة نجدها تقول إن البيئات الأهم هي البيئات التي تختلف بين كل فرد وآخر، وذلك لأنها ستبين الاختلافات والقدرات الفردية للأشخاص، ولن تجعل منهم قوالب مستنسخة. أما الفكرة السابعة والأخيرة فتشير إلى أن تكافؤ الفرص يقتضي تنوع الفرص، بمعنى أن إتاحة اختيارات وفرص مختلفة تتناسب مع كل الطلاب تساعد على إظهار إمكاناتهم ومواهبهم المتنوعة.
الفكرة من كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
لا بد أنك مررت بدروس الجينات والـDNA والصفات الوراثية في مادة الأحياء، ولكن هل لهذا علاقة بالتعلم؟ وهل يمكن للجينات أن تساعدنا على إنشاء أنظمة تعليمية أفضل؟ ولأي شيء يخضع المستوى الدراسي للطلاب؟ للجينات أم العوامل البيئية المحيطة؟ وهل للنجاح والفشل جين محدد سحري يمكنه قلب حياتنا رأسًا على عقب؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سيجيبنا عنها علم الوراثة السلوكي، فدعونا نبدأ.
مؤلف كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
كاثرين آسبري: مُحاضِرة بمركز علم النفس والتعليم في جامعة يورك بالمملكة المتحدة، مهتمة بتأثير بيئة المنزل والمدرسة في مستوى تحصيل الأطفال وسلوكياتهم ومدى سعادتهم، ولها عديد من الأبحاث في هذا المجال.
روبرت بلومين: عالم أمريكي متخصص في مجالي الوراثة وعلم النفس، اشتهر بعمله في دراسات التوائم وعلم الوراثة السلوكية، وهو أستاذ علم الجينات السلوكي بمركز الطب النفسي الاجتماعي والجيني والتنموي بمجلس الأبحاث الطبية في جامعة كينجز كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، وله أكثر من ٥٠٠ بحثٍ وأكثر من عشرة كتب في عِلْم الجينات السلوكي، ومن مؤلفاته:
Blueprint
Behavioral genetics
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: حصل على ليسانس الآداب والتربية عام 2006، عمل في الترجمة وتحرير اللغة الإنجليزية، وترجم لمؤسسات مثل مكتبة جرير ومؤسسة هنداوي، ومن أعماله:
الكون الرقمي.. الثورة العالمية في الاتصالات.
علم النفس الشرعي.. مقدمة قصيرة جدًّا.
أصوات حيوية.. نساء يغيرن العالم.