اللِّباس في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
اللِّباس في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
في سُنة النبي (صلى الله عليه وسلم) أشار لنا إلى كثير من أمور دُنيانا حتى إلى صفة لِباس المسلم، وقد اهتم النبي بهذا مع أصحابه حتى لا يكونوا مثل المشركين، فوجَّههم بذلك من عدة نواحٍ مثل الانتباه إلى ستر العورة أثناء العمل، وارتداء ملابس مهندمة وحسنة بغير إسراف كثير حينما قال (صلى الله عليه وسلم): “كلوا واشربوا والبسوا وتصدَّقوا، في غير إسرافٍ ولا مخيلةٍ”، والتيمُّن عند ارتداء الملابس، وهذا عن السيدة عائشة حين قالت: “كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يُعجبه التيمُّنُ في تنعُّلهِ وترجُّلهِ وطهورهِ وفي شأنهِ كُلهِ”، وكان يحمد الله عند ارتدائه الملابس الجديدة، ونقلًا عن الصحابة والسيدة أسماء بنت يزيد قالت: “كانت يدُ كُمِّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الرُسغ”، فالرجل مباح لباسه حتى الساق، أما المرأة أن يغطي الكعبين، وأجمع الفقهاء أيضًا على تغطيتها لقدميها بمقدار الطول دون أن تجر ثوبها كالخيلاء لأن النبي نهى عن هذا، ومما نهانا عنه لبس الشفاف الذي يصف ويُبين لون الجسد وتفاصيله، وتشبُّه الرجال بالنساء والعكس في الملبس، ونهى الرجال عن لبس الحرير إلا في المرض والحرب أو إسبال ملابسهم، وعدم إطالة الملابس بنية التفاخر والخيلاء، وأيضًا عدم ارتداء الملابس الممزقة أو التي تحمل صور حيوان أو إنسان، ونهى عن ارتداء فردة واحدة من الحذاء، وكان يحب الثياب المتواضعة، وأحب لِباس إليه القميص وهو ثوب مغلق من الأعلى طويل يمتد حتى القدمين يشبه الجلباب، ومصنوع من القطن أو الصوف أو الكتان أو الجلد، وخصص ملابس للأعياد وأيام الجُمع وعند استقبال الوفود الخارجية، وأحب الثياب البيضاء وارتدى ذات الألوان المتعددة، وكان له خُفَّان من الجلد، وهما يشبهان الحذاء حاليًّا، وله نعلان مثل الصندل، وكان يرتدي عمامة بيضاء لكن فوق غطاء للرأس يُسمَّى قلنسوة، وارتدى عمامات بألوان متعددة في مناسبات خاصة.
الفكرة من كتاب المأدبُة النبوية في آداب الحياة اليومية
هذا الكتاب يدور حول النواحي البشرية واليومية للرسول (صلى الله عليه وسلم) وآداب معيشته من مأكله ومشربه وملبسه وسلوكياته جمعاء، فعند دراسة حياة أحدهم -ورسول الله ليس كأي أحد من الخلق فهو خير الخلق وأكملهم- يجب على المرء أن يُعايشه كُليةً، ولأننا أُمِرنا بأن نتخذه أسوة حسنة في حياتنا كما قال الله (عز وجل): ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (سورة الأحزاب: 21) وجب دراسة سيرته بأكملها ومعايشتها، وبمعنى أدق تناول علم الحديث بأكمله من أفعال وأقوال وسلوكيات نبي الله حتى نتربى على نهجه ونتعلم بوصاياه وننتهي عما نهانا عنه، بل أيضًا نربح ثمرة الاقتداء بنبي الله واتباعه ونُحسن تعليم خُلُقه، فحين سُئلت السيدة عائشة عن خلق الرسول (صلى الله عليه وسلم) قالت: “كان خُلُقُه القرآن”، فها هي سيرة رسول الله العطرة التي لا يُعايشها مسلم إلا ويخرج منها مُهذَّب النفس والخُلق وحسن السلوك.
مؤلف كتاب المأدبُة النبوية في آداب الحياة اليومية
مصطفى كوندو غدو وُلد في غرب تركيا، التحق بكلية الإلهيات، وبعد تخرُّجه انشغل بالعلوم والتجارة فترة، ثم أنهى الماجستير في علوم الحديث بكلية الإلهيات جامعة صقاريَا، ويعمل في دار “إِشقْ” للطباعة والنشر والتوزيع.