الفساد السياسي وغياب المؤسسات الفاعلة

الفساد السياسي وغياب المؤسسات الفاعلة
يعد الفساد السياسي من أهم معوقات تحقيق التقدم لأنه يلقي بظلاله القاتمة على كل المجالات، اقتصادية كانت أو اجتماعية أو علمية، وهو عدم تفعيل دور الكثير من المؤسسات التعليمية والبحثية في الدول العربية والإسلامية.

يقول عبد الرحمن الكواكبي، وهو أحد رواد النهضة في العصر الحديث: تمحَّص عندي أن أصل الداء هو الاستبداد السياسي ودواؤه بالشورى الدستورية، والعلة هنا أو علة العلل هي عقلية الاستبداد بشكل خاص، وليس هذا خاصًّا بالاستبداد السياسي الذي تمارسه بعض السلطات الحاكمة والمتسلطة في العالم العربي والإسلامي وحتى المعارضة، وإنما سيطرة مناخ الاستبداد السياسي والاجتماعي والتربوي والتعليمي والإداري والأسري، ذلك أن الإشكالية في ذهنية الاستبداد، وإن كان الاستبداد السياسي أكثر ظهورًا.
ونستطيع القول إن شيوع الاستبداد، وانعدام الحرية، وغياب تكافؤ الفرص، وتقديم أهل الثقة والولاء والحماس على أهل الخبرة والاختصاص هو التجسيد العملي والحقيقي للتخلف، فلا يتخلف إلا مستبد لعجزه عن إدراك الأمور والإحاطة بها، وحقده على المتميزين ورغبته في التأثر منهم، ولا شك أن تلك الأنظمة المستبدة ترتكب بحق أوطانهم جرائم لا تقل عن جرائم الاحتلال في نهب خيرات الدول وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات وتصفية العلماء وتخويفهم، ورغم وجود مراكز بحثية ومؤسسات علمية فإنها غائبة التأثير، لخضوع هذه المؤسسات للنظم الحاكمة، وعدم توافر التمويل اللازم، وشعور العاملين باليأس نتيجة الإهمال المتعمَّد، إلى غير ذلك من أسباب معروفة معلومة.
الفكرة من كتاب معوقات النهضة العلمية في الدول العربية والإسلامية
إن المتأمل في واقع العرب والمسلمين اليوم يدرك لأول وهلة التخبُّط الذي يعيشون فيه، والعشوائية التي يتعاملون بها مع كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتهم، ويلاحظ كذلك غياب المنهج العلمي عن حياتهم الخاصة والعامة، وهذا هو السبب الرئيس لمعاناتهم في مجالات كثيرة، وتخلُّفهم عن ركب الحضارة التي وضع أسلافهم أسسها ومناهجها، وتلك المجتمعات العربية والإسلامية تعاني من ثالوث مدمر قادر على الفتك بها وبأقوى الأمم، والعقول العربية مغيَّبة ومقيَّدة وممنوعة من التفكير، والدليل على ذلك أن لديهم المنهج الذي ساد به أوائلهم، لكنهم أعرضوا عن هذا المنهج ولم يأخذوا به وذهبوا يلتمسون الحل في مناهج أخرى وضعية تخلى عنها أصحابها.
مؤلف كتاب معوقات النهضة العلمية في الدول العربية والإسلامية
محمد إبراهيم خاطر: كاتب وحاصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء، ودبلوم الدراسات الإسلامية، ويعمل مدربًا، وله عدد من الكتب منها: “عصر الرقص”، و”الإعلام والتوعية البيئية”، و”السلامة الصحية والمواد الخطرة”، و”الشباب ودورهم في التغيير والإصلاح”، كما أن له أكثر من 1000 مقال نُشرَت بصحيفة الوطن القطرية، وعدد من المجلات والمواقع الإلكترونية.