العلاج وإعادة التأهيل داخل السجون

العلاج وإعادة التأهيل داخل السجون
إذا كان هدف المؤسسات العقابية هو “الإصلاح” أو “إعادة تأهيل المجرم”، فإن رعاية الصحة العقلية المناسبة مكون ضروري جدًّا لتفعيل ذلك، لكن إذا كان هدف المؤسسات العقابية هو عقاب المجرمين، فإن الإيمان بإصلاح السجناء وإعادة تأهيلهم هو والعدم سواء. إن الحالة التي وصلت إليها السجون ومعاناة السجناء داخلها نفسيًّا وعقليًّا تستدعي وضع حلول وتوصيات على ثلاثة مستويات، المستوى الأول: لا بد من تحسين خدمات الصحة العقلية وتجديد برامج إعادة التأهيل داخل السجون. المستوى الثاني: لا بد من القضاء على وحدات الحراسة المشددة لما فيها من أمور تتنافى مع الاحتياجات والحقوق الإنسانية بشكل صارخ. المستوى الثالث: لا بد من إنهاء حالة الزحام في السجون، وصورة التمييز بين المجرمين في إصدار الأحكام، والحد من وجود المدانين غير العدوانيين مع القلتة الشديدي الخطورة في السجن نفسه.

يجب على المحاكم أن تقضي بضرورة وجود عنابر رعاية نفسية داخلية، وعيادات خارجية، وخدمات طوارئ، وبرامج علاج يومية تساعد ضحايا جرائم العنف والاغتصاب في السجون على التكيف مع الصدمة المروعة التي تعرضوا لها، وحياة مدعومة من المجتمع من خلال العمل على توفير زيارات مستمرة للأهل والأحباء إلى ذويهم في السجون، بالإضافة إلى العمل على توفير برامج التدريب المهني، ومنح الأطباء النفسيين داخل السجون الصلاحية اللازمة لإدخال المرضى إلى المستشفيات مباشرة. يمكن تحقيق كل ذلك من خلال الاسترشاد ببرامج العلاج والتأهيل النفسي الناجحة لحالات الاكتئاب والعنف والاغتصاب الموجودة في المجتمع خارج السجن، هذا إذا أردنا أن نحقق ما هو أفضل من تقديم الأدوية للسجناء.
ولتحقيق أقصى استفادة من تلك التوصيات، لا بد من وجود “مراجعة النظراء” لضمان جودة العمل المهني في السجون، إلى جانب ضمان خدمات الصحة العقلية وملاءمتها في جميع السجون والمؤسسات العقابية، على أن تكون مراجعة النظراء صادقة فعّالة، ومن ثم يجب ألا تتعاقد إدارات السجون مع الشركات الخاصة وما بها من خدمات صحية نفسية وصحية عقلية، لأن الهدف الأول لهذه الشركات هو الربح، فينطوي ذلك على خطر كبير يتمثل في انخفاض النفقات من أجل السعي إلى تحقيق أكبر قدر من الربح، وتمنياتها للسجناء بالفشل في تقويم أنفسهم بعد الخروج من السجن من أجل العودة إليه مرّة أخرى، وقد لوحظ ذلك بالفعل، فالشركات الخاصة تحافظ على ديمومة أرباحها واستمرارها من فشل السجناء، لذا لا بد من وجود رقابة خارجية من المحاكم والهيئات الرقابية للحيلولة دون حدوث ذلك!
الفكرة من كتاب الجنون في غياهب السجون: أزمة الصحة العقلية خلف القضبان ودورنا في مواجهتها
يرى المؤلف أن وظيفة السجون هي الإصلاح، لكن الواقع يقول إن السجون لم تعُد تسعى إلى إصلاح السجناء، كما أنها لا تمنحهم احتياجاتهم الأساسية، ولا تمنح الضعفاء منهم الحماية اللازمة، هذا إلى جانب ما تفرضه السجون من قيود بلا داعٍ وعلى نحو مذل على السجناء العاقلين أو المصابين باضرابات عقلية خفيفة، مما يدفعهم في الغالب إلى الجنون، ويضرب المؤلف أمثلة عديدة على تأثر السجناء سلبيًّا نتيجة الإهمال والقسوة والأخطاء العلاجية من خلال قدرته على دخول السجون بحرية والتواصل مع السجناء دون قيود، ليعرض لنا أنواع الاضطرابات العقلية التي تتولد داخل السجون، والتي تزيدها السجون فيصاب السجين بالجنون.
مؤلف كتاب الجنون في غياهب السجون: أزمة الصحة العقلية خلف القضبان ودورنا في مواجهتها
تيري كوبرز: طبيب نفسي، ويعمل مدرسًا في كلية الدراسات العليا لعلم النفس بمعهد رايت في بيركلي، وهو زميل الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين ورئيس جمعية إيست باي للطب النفسي. من مؤلفاته:
Revisioning men’s lives
solitary: the inside story of supermax isolation and how we can abolish it
معلومات عن المترجمة:
أميرة علي عبد الصادق: مترجمة مصرية، تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس، عملت بعد تخرجها في مجال الترجمة والتعريب، كما عملت مع عدد من دور النشر. من ترجماتها:
الدرجات الست وأسرار الشبكات.
الهندوسية مقدمة قصيرة جدًّا.
السرطان مقدمة قصيرة جدًّا.
الطرق على أبواب السماء.