الرفض والجروح النفسية
الرفض والجروح النفسية
الرفض الاجتماعي من أكثر الجراح النفسية التي يُعانيها الأفراد في الحياة، حيث إنَّ الأمر بأكمله يبدأ عند الفرد منذ الصغر، عندما لم يتم دعوته إلى حفل عيد ميلاد، أو رفض أصدقائه للعب معه، وكبالغ يتعرَّض لخبرات رفض كاملة، كانت في انتظاره؛ سواء من رفضه في الشغل، أو تجاهل أصدقائه له، أو تجاهل شريك حياته لأي عرض رومانسي يقدمه.
لكن لماذا يؤلم الرفض أكثر من غيره من الجروح النفسية؟ يرجع سبب ذلك إلى تطور الإنسان التاريخي من نمط حياته في القبيلة في الماضي، فإذا كان يتم رفضه من قبيلته، معنى ذلك أنه لن يجد فرصة للطعام، والحماية، والتزواج، فكان الرفض أقرب إلى الإعدام حينئذٍ، فتطوَّرت العقول على نظام إنذار تجاه هذا الرفض، من خلال إحداث ألم حاد عند حدوثه، أو مجرد التلميح عنه.
ويسبِّب الرفض العديد من الجراح النفسية التي يسهل تمييزها، وتتفاوت خطورتها على حسب طبيعة الموقف، وصحة المرء النفسية عند تعرضه لهذا الموقف، حيث قد يسبِّب الرفض ألمًا نفسيًّا حادًّا، يؤثر في التفكير، أو يسبِّب الغضب الشديد، أو يضعف ثقة المرء بنفسه، ويزحزح شعور المرء الأساسي للاستقرار، وكثير من مواقف الرفض تكون خفيفة نسيبًّا، تُشفى بمرور الوقت، ولكنَّ هناك مواقف رفض جوهرية، عندما تترك دون علاج ينتج عنها مضاعفات نفسية، تؤثر في الكيان العقلي، ويُلزم معالجتها بالإسعافات العاطفية الأولية، ومن المحتمل أيضًا أن تكون الإسعافات الأولية غير مناسبة، أو غير كافية لخبرات الرفض الأكثر حدَّة.
ومن ضمن هذه الإسعافات الأولية، استفهام المرء عن دوره في موقف الرفض الذي تعرَّض له، وقد يؤدي سؤاله عن الخطأ الذي ارتكبه كرد فعل للموقف، إلى التعميم المبالغ فيه، لذا من الضروري المناقشة مع صوت النقد الذاتي، وتبني منظور آخر أكثر لطًفا لرؤية الأمور، وعندما تكون مواقف الرفض متعلقة بالمشاعر بشكل أكبر، فالحل الأمثل هنا، هو إخماد العاطفة باعتدال، وإذا لم تنجح هذه الإسعافات، أو جاءت بأثر عكسي، فمن الأفضل استشارة متخصص نفسي.
الفكرة من كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
الجميع معرض للإصابة بجروح نفسية تمامًا كما يصابون بجروح جسدية، فالفشل والشعور بالذنب والوحدة كلها جزء من الحياة نفسها، وبما أن الجرح الملوث يحتاج إلى تطهيره، فأيضًا هذه الخدوش النفسية بحاجة إلى إسعافات أولية للأسف غير موجودة على الإطلاق، مما زاد من أثر خطورة مشاعر كانت في البداية طفيفة جدًّا، لكن نتيجة لتجاهلها، ازداد الأمر سوءًا.
وفي هذا الكتاب يحاول الكاتب وصف بعض الجراح النفسية الشائعة اليومية، كالرفض والفقد، ويقدم أيضًا بعض الأساليب المتعددة للأسعافات الأولية التي يمكن أن يطبِّقها المرء، لكي يُلطِّف من ألمه النفسي.
مؤلف كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
د. جاي وينش Guy Winch: طبيب نفساني، ومتحدث، ومؤلف، حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس العيادي من جامعة نيويورك عام 1991 ولديه ممارسة خاصة في مانهاتن، يكتب مدونة The Squeaky Wheel لموقع PsychologyToday.com، له العديد من المؤلفات، ومنها:
كيف تعافي قلبًا محطمًا؟!
The Squeaky Wheel