الدماغ يعيد تنظيم نفسه!
![](https://a5dr-wp.fra1.cdn.digitaloceanspaces.com/bookidea/Ht4Lu1ws-70-Recovered-Recovered.jpg)
الدماغ يعيد تنظيم نفسه!
ترجع جذور فهم اللدونة العصبية عند ريتا إلى عام ١٩٥٩، عندما تعرض والده (بدرو ريتا) لسكتة دماغية شلَّت وجهه ونصف جسمه وأعجزته عن الكلام، وأخبر الأطباء جورج (شقيق ريتا وابن بدرو) أنه لا أمل في تحسنه! لكن جورج قرر أن يُعلم أباه المشي كما يُعلَم الأطفال بدءًا من الزحف على الأرض، وبالطبع قد لقيا صعوبات كثيرة في ذلك، لكن واصل بدرو الزحف لأشهر ثم انتقل إلى التحرك بركبتيه ثم الوقوف على قدميه وتدريجيًّا استطاع المشي، وكافح بعد ذلك لاستعادة النطق فاسترده قليلًا بعد ثلاثة أشهر ثم بدأ يتعلم الكتابة، وفي خلال سنة واحدة استرد عافيته وعاد إلى عمله وتزوج ثانية! وكان عمره حينئذ ثمانية وستين عامًا.
![](https://sp-ao.shortpixel.ai/client/to_auto,q_glossy,ret_img/http://a5dr.com/bookidea/wp-content/uploads/2021/02/old-min-1.jpg)
مات بدرو بنوبة قلبية في الثانية والسبعين من عمره وطلب ريتا تشريح جثة والده لدراسة طريقة تعافيه؛ إذ لم يكن المسح الذري متوفرًا وقتها، ودهش الجميع حينما وجدوا تلفًا كبيرًا في دماغه بشكل لا يُصدق معه حدوث مثل ذلك التعافي، مما يعني أن الدماغ أعاد تنظيم نفسه كليًّا إثر التمارين التي أجراها جورج مع والده، وكان هذا دليلًا لإمكانية حصول التعافي لشخص مسن مصاب بتلف ضخم.
دفع هذا الأمر باخ ريتا إلى تغيير مساره المهني واتجه إلى تخصص الأعصاب وإعادة التأهيل، وحوَّل اهتمامه إلى مرضى السكتات الدماغية؛ فطوَّر برامج لتحريك عضلات الوجه المشلولة بربطها بأحد أعصاب اللسان الإضافية، وصمم ألعاب فيديو لتحريك الأذرع المشلولة، كما ابتكر جهاز الرؤية اللمسية لفاقدي البصر، والذي أكد مسح الدماغ لهؤلاء المكفوفين أن الصور اللمسية عولجت بالفعل في القشرة البصرية لأدمغتهم، وتستند فكرة المركزية إلى أننا نملك قشرة بصرية في الفص القذالي للرؤية، وأخرى سمعية في الفص الصدغي للسمع؛ لكن لدونة ريتا تقول إن الأمر أعقد من هذا بكثير وإن مناطق الدماغ تتصل ببعضها، ويمكن أن تعالج بيانات متنوعة!
الفكرة من كتاب الدماغ وكيف يطوِّر بنيته وأداءه
لا تزال نظرية الدماغ غير المتغير مسيطرة على مجتمع علماء الأعصاب منذ عهد ديكارت، الذي تعامل مع الدماغ على أنه مستقبِل سلبي للمحيط الخارجي، ونتج عن ذلك النظر إلى الدماغ كآلة محكمة الدوائر؛ كل جزء فيها يؤدي وظيفة محددة لا ينفك عنها، والاعتقاد بأن حالات العجز الناشئة عن تلف دماغي لا يمكن شفاؤها.
لكن نورمان دويدج في هذا الكتاب يرصد قصصَ نجاحٍ واقعية باهرة لشفاء مثل تلك الحالات بتطبيقات اللدونة العصبية؛ وهي قابلية الدماغ للتغيير والتعديل عن طريق قيام خلايا سليمة بالوظائف التي كانت تؤديها الخلايا التالفة، وهو ما يعتبره المؤلف ثورة في مجال علم الأعصاب، ونترك للقارئ حرية التأييد أو الانضمام إلى صفوف المشككين في القدرات الخارقة للدونة العصبية.
مؤلف كتاب الدماغ وكيف يطوِّر بنيته وأداءه
نورمان دويدج Norman Doidge: محلل وطبيب نفساني كندي، درس الكلاسيكيات الأدبية والفلسفة، والطب في جامعة تورنتو، ثم انتقل إلى نيويورك وحصل على شهادة في التحليل النفسي من جامعة كولومبيا، ثم زمالة المعهد الوطني لبحوث الصحة العقلية لمدة عامين، للتدريب على تقنيات العلوم التجريبية. وبعد عودته إلى وطنه عمل رئيسًا لمركز العلاج النفسي وعيادة التقييم في معهد كلارك للطب النفسي. حصل دويدج على جائزة ماري سيغورني عن كتاباته العلمية حول اللدونة العصبية وأبحاثه في التحليل النفسي.
من أبرز مؤلفاته:
The Brain’s Way of Healing
The Brain that Changes Itself
Neustart im Kopf: Wie sich unser Gehirn selbst repariert
معلومات عن المترجمة
رفيف غدار: مترجمة، ترجمت كتبًا مهمة منها: “الإلمام بالحقيقة”، و”علم الفراسة”، و”فن الاسترخاء”.