الخوارزميات تشّكل عالمنا الواقعي

الخوارزميات تشّكل عالمنا الواقعي
لا تقتصر قوة الخوارزميات على تحكمها في العالم الرقمي فقط، بل تمتد قوتها لتشّكل عالمنا الواقعي، لأن كل ما حولنا تحوّل إلى “براند | Brand”، فيجب أن يُسَوّقَ للمستخدمين على منصات التواصل، لذلك يتبع ما تحبه الخوارزميات، فجميع الأماكن تصمم ديكوراتها حسب السائد والرائج على منصات التواصل، ويرغب الناس في الذهاب إلى الأماكن ذات السمعة الأعلى في العالم الرقمي، التي تحددها الخوارزميات مرة أخرى، بالإضافة إلى تحكمها في أفعالنا عبر تحفيز التصرفات اللازمة واللائقة في الأنشطة المختلفة، بهدف نشرها على المنصات.

بالإضافة إلى عولمة الثقافة والمعايير، برزت ظاهرة التشابه التي تزعم تشابه كل شيء في المدن الكبيرة، فلا فرق بين باريس ولندن ونيويورك ودبي، لا توجد اختلافات لأن الجميع يتّبع ترشيحات الخوارزميات في عالم الأعمال، حتى أضحت الموديلات والأذواق نسخًا مكررة، أو في أفضل الأحوال وصفة ثابتة لا تتجدد، فالثقافة لم تعد تأتي بجديد، وإنما يعاد تدويرها دائمًا ثم تُنقى وتُنسخ لتُقدم مرة أخرى إلى المستخدمين.
يتحدث الكاتب “توماس فريدمان | Thomas Friedman” عن تلك الظاهرة في كتابه “العالم المسطّح”، موضحًا أنه لا يشكك في شكل كوكبنا، بل يقصد أن الثقافات أصبحت سطحية متقاربة للغاية، بحيث يصعب إيجاد الفروق بينها، فالمستخدم يستطيع أن يستمع إلى الموسيقى الأمريكية والكي بوب الكوري دون إحساسه بالتعارض أو الاختلاف، لأن الجميع يستخدمون التكنولوجيا والمنصات نفسها مستهلكين المحتوى نفسه، وأرجع ذلك إلى أربعة أسباب، السبب الأول هو ثورة التكنولوجيا الرقمية، والسبب الثاني هو متصفحات الإنترنت، أما السبب الثالث فهو محركات البحث، والسبب الرابع هو برامج العمل الحديثة.
الفكرة من كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
هل يمكن أن تكون ثقافتنا مجرد نتيجة للخوارزميات التي تحكم ما نراه وما لا نراه؟ يعتقد كثيرون أن قوة الخوارزميات تقتصر على العالم الرقمي فقط، لتنتهي تأثيراتها عند ترشيح أمر ما، أو إيصال محتوى منشور إلى أكبر عدد من المستخدمين، ولكن تلك معرفة قاصرة جدًّا عن طبيعة الخوارزميات.
تمتد قوة الخوارزميات لتخترق حدود المنصات الاجتماعية، وتعبث بثقافتنا وتشكلها حسب قوانين جديدة، سنطوف في زوايا ثقافتنا المعاصرة لنتفحص تلك الآثار، ونرى إن كنا نملك القدرة الكاملة للسيطرة على خياراتنا الثقافية أم إننا نُقاد إليها فقط، وهل نحب حقًّا ما نحب، وكيف يبدو عالمنا من وجهة نظر البيانات.
مؤلف كتاب عالم منقى:كيف سطحت الخوارزميات الثقافة
كايل تشايكا: هو كاتب موظف في مجلة “ذا نيو يوركر | The New Yorker” يغطي التكنولوجيا والثقافة على الإنترنت، ظهرت أعماله أيضًا في مجلة “ذا نيو ريبابليك | The New Republic”، ومجلة “نيويورك تايمز | New York Times”، و”هاربرز | Harpers”، له كتاب آخر بعنوان:
The Longing for Less: Living with Minimalism
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.