الخصخصة والبورصة
الخصخصة والبورصة
تعتمد معادلة النشاط الاقتصادي في أي بلد على النظام السياسي وتوجُّهات الحكومة التي تستلم مقاليد البلاد، وبصفة عامة عادةً ما تنقسم الحكومات إلى أحد نوعين: الأول الحكومة الاشتراكية والثاني الحكومة الرأسمالية، فالأولى تميل الكفة فيها لصالح القطاع العام فتعمل على زيادة عمليات التأميم وبخاصة تلك الشركات التي ترى ضرورة السيطرة عليها كنوع من الأمن القومي للبلاد خاصةً شركات الأسلحة والبنوك والشركات الكبرى.
أما الحكومات الرأسمالية فتنتهج نظام السوق الحرة وفتح الأسواق وتقييد مظلة القطاع العام إلى أقصى حد تبعًا لمفهوم الدولة الحارسة، فتنشط بذلك موجات الخصخصة وبيع القطاع العام للجمهور، وتصبح الدولة مجرد حارس فقط لا يتدخَّل في النشاط الاقتصادي، وهذا المناخ الحر هو الوسط الخصب لتوسُّع أنشطة البورصات عبر طرح أسهم مختلف الشركات فيها وزيادة قيم التداول عبر اتساع الأسواق المالية، ولعل ذلك يرجع بصورة أساسية إلى الأسس التي ترتكز عليها الرأسمالية ومن أهمها الحرية والمصلحة الشخصية، فالمستثمر يتحرَّك وفق مصلحته الشخصية لتعظيم منفعته وتقليل تكلفته، لذا فمن الصعب أن يقوم أحدهم بالإقدام على شراء أسهم تضع الدولة قيودًا على تداولها.
كما أن الدولة بنفسها وعبر عمليات الخصخصة المختلفة تدخل بائعًا في الأسواق وعندها تواجه معضلة خفض أسعار أسهم شركات القطاع العام حتى تضفي نوعًا ما من الميزة التنافسية لجذب المستثمرين، فخفض الأسعار هذا قد يتسبَّب بنتائج عكسية كإهدار المال العام، وعلى ذلك تكون الحكومات بين مطرقة المستثمرين وسندان الناخبين، ومن ناحية أخرى تكمن العصا السحرية في التعامل بالبورصات في الحصول على المعلومة، فمن يحصل على المعلومة قبل الآخرين يمسك بخيوط العرائس أولًا وعند ذلك يستطيع تحريكها لصالحه.
الفكرة من كتاب البورصة حقائق وأوهام
يتناول هذا الكتاب قلب الاقتصاد الحديث، ألا وهو أسواق المال التي تعدُّ شريان الاقتصاد وفي القلب منها البورصات، وبالأخص سوق الأسهم والسندات، والتي طالما كانت أحد أهم معاقل الأزمات المالية التي أصابت الاقتصاد العالمي بالشلل بداية من كارثة الكساد الكبير 1929، ومرورًا بأزمة النمور الآسيوية 1997، وانتهاءً بالأزمة المالية العالمية 2008، وقد نتجت كل تلك الأزمات وغيرها بسبب عدد من الممارسات الخاطئة وقواعد الحوكمة الضعيفة، التي أشار إليها الكاتب في ثنايا هذا الكتاب، بالإضافة إلى مناقشته تلك البروباجندا الزائفة حول مساهمة البورصة بوضعها الحالي في تمويل الاقتصاد، مما يمكن القول معه إن تلك المعلومات الواردة في هذا الكتاب نادرًا ما تجدها في كتاب آخر.
مؤلف كتاب البورصة حقائق وأوهام
رجب أبو دبوس: يعدُّ من أبرز وأشهر المفكرين والأكاديميين الليبيين، كما أنه أبرز فلاسفة النظرية الجماهيرية وسلطة الشعب، حصل على ليسانس الفلسفة من الجامعة الليبية بنغازي 1969، ودرجة الماجستير من فرنسا جامعة أيكسنبروفانس عن رسالة بعنوان “التخيل” 1973، ودرجة الدكتوراه من الجامعة نفسها عن رسالة بعنوان “الحرية” 1977، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة جامعة قاريونس 1977.
لديه عشرات المؤلفات؛ من بينها : “نحو تفسير اجتماعي للتاريخ” 1982، و”محاضرات في الفلسفة المعاصرة” 1996، و”العولمة بين الأنصار والخصوم” 2001، و”ماضي المستقبل.. صراع الهوية الوطنية” 2001.