الحد الزائد للمعرفة ليس بالصواب!
الحد الزائد للمعرفة ليس بالصواب!
وقد نجد أننا في حاجة دائمة إلى تحجيم قدر المعلومات والمعرفة المتاحين لكي نستطيع الحكم واتخاذ القرار الأفضل، إذ يمنحنا ذلك ميزة الاهتمام بالتفاصيل، ولكن ما يحدث الآن من تجاوز البيانات المتاحة ما هو إلا سيطرة وليس معرفة، إذًا فلإثبات الشيء لا بدَّ من وجود نقيضه، فالشفافية لا تتم إلا بوضع حدود صارمة لها، كما أن السلب جزء من الروح يضفي إليها الجمال، وفي هذا المجتمع الذي يسير نحو الإنتاجية المطلقة والكمال بناءً على هذا العالم الذي أصبح كرةً ضخمةً من المعلومات نرى أنه افتقد الروح والعاطفة شيئًا فشيئًا.
وبالنظر في مجال مرتبط بالشفافية كالسياسة، نجد أنها من الضروري أن تحيا في عالم من السرية، إذ إن الشفافية الكاملة تعطلها، فأي نظام سياسي في حاجة إلى وضع أموره النظامية في الحُكم والتعامل الدولي في سرية كبيرة، ويذكر الكاتب هنا ما أسماه بحزب القراصنة، أي الأحزاب التي تدعم الحقوق المباشرة وإصلاح قوانين حقوق النشر والتعليم، لكنها كذلك تدعم حرية المعلومات والشفافية، ويعتبرهم مفتقدي الشمولية، فالشفافية القهرية قد تؤدي بالفعل إلى استقرار النظام، لكنه استقرار نابع عن التحكم والسيطرة وليس النظر خارجًا لأجل التجديد، باختصار فإن الإفراط المعلوماتي يخلق عالمًا يفتقر إلى الحقيقة.
الفكرة من كتاب مجتمع الشفافية
“أعيش فقط على ما لا يعرفه الآخرون عني”، هكذا يقول الأديب بيتر هاندكه، ، ثم نرى المفكر نيتشه يدعو إلى ضرورة امتلاك الإنسان لإرادة الجهل، حتى ولو بهدف اتخاذ القرار الأفضل، ولكن أي جهلٍ يقصده هنا؟ وما علاقة كل هذا بالشفافية التي أصبحت عنوان عصرنا الحالي حيث ينكشف هذا المقدار الضخم من المعلومات أمام وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة، وأصبح البشر فيه كالزجاج الشفَّاف يتجرَّدون شيئًا فشيئًا من صفاتهم المُثلى! هذا ما يوضحه الكاتب في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب مجتمع الشفافية
بيونغ تشول هان Byung-Chul Han: فيلسوف وكاتب، وُلِد في كوريا الجنوبية، يعمل أستاذًا في جامعة برلين للآداب، تُظهر أعماله تأثره الكبير بمدرسة فرانكفورت، وهي مدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفية النقدية في مدينة فرانكفورت الألمانية.
ومن أهم أعماله:
إنقاذ الجمال.
ما هي السلطة؟
طوبولوجيا العنف.