التأهب الدائم
التأهب الدائم
إن إرجاء تلف التركيز إلى الإنترنت والهاتف لهو تبسيط مبالغ فيه لأصل المشكلة، فالأصل أن التكنولوجيا ظهرت في وقت كان نظام المناعة الجمعي ضعيفًا، وللتأكد من هذا الاستنتاج، تعاون الكاتب عام 2020م مع “مجلس علم النفس القائم على الأدلة العلمية” وأسسا موقع “YouGov” أحد أكبر شركات استطلاع الرأي في العالم، وأول استطلاع نُشِر تناول الأسباب التي تعمل على جعل الانتباه يتراجع، والمدهش أن هواتفنا أتت في المرحلة الرابعة، إذ ذكرها 37% ممن أجابوا الاستبانة، وجاء في المركز الأول الشدة النفسية بنسبة تصويت تصل إلى 48%، وفي المركز الثاني أتى تغير ظروف الحياة كإنجاب طفل أو التقدم في العمر بالنسبة السابقة كذلك، أما المركز الثالث فكان من نصيب صعوبة النوم أو النوم القلق، إذ اختاره 43% من الأشخاص.
والشدة النفسية هي الدافعة إلى ظهور باقي المشكلات، فقد اكتشف العلماء قبل عشرات السنين أن وجود الإنسان في بيئة غير آمنة يُسبب نوعًا من تشتت الانتباه والتركيز على الخطر والتأهب لأية حركة محتملة عنه، وهذا منطقي، فإذا كان يجري وراءك دُب فأنت لن تُركز على ما ستتناوله على العشاء، بل تتابع حواسك حركات ذلك الدب، إن الدُّب في حياتنا المُعاصرة يكافئ السعي إلى العمل والإنجاز لتوفير ضروريات الحياة، وللتأكد من صحة هذا الرأي حول ضرورة إزالة الشدة النفسية للحد من تدهور التركيز، أجرت شركة “بربتشوال جارديان” في نيوزيلندا تجربة لمدة شهر يكون فيها وقت العمل 4 أيام في الأسبوع، وإعطاء العاملين الراتب نفسه الذي كانوا يحصلون عليه في حالة عملهم 5 أيام، وتبعًا لقول أحد العاملين فإن يوم الإجازة الإضافي سمح لكل شخص بقضاء وقت أكثر مع عائلته، ووقت راحة يجعله أكثر انتعاشًا عندما يعود إلى العمل، وقد ابتكر العاملون طرائق تقلل من الوقت الضائع والتشتت الذي كان يحدث في نظام العمل القديم.
الفكرة من كتاب تركيزنا المسلوب.. لماذا صرنا نعاني مشكلة قلة الانتباه؟
يعتقد أغلبنا أن مشكلة قلة الانتباه بدأت مع ظهور شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن استعادة انتباهنا مشكلة فردية علينا التغلب عليها بالبحث في الكتب التي تتناول موضوعات تحسين التركيز وتقوية الإرادة، والحقيقة أن لهذه المشكلة جذورًا عميقة ينبغي معرفتها حتى نتمكن من إيجاد حل يدوم على المدى البعيد، ولهذا بدأ الكاتب رحلته في هذا الكتاب لتعريفنا القوى العميقة التي تعمل على الإضرار بانتباهنا، وذكر الحلول الفردية والمجتمعية التي تساعد على حلها.
مؤلف كتاب تركيزنا المسلوب.. لماذا صرنا نعاني مشكلة قلة الانتباه؟
يوهان هاري: صحفي وكاتب بريطاني سويسري، كتب لعديد من الجرائد والصحف العالمية مثل: “نيويورك تايمز” و”لوس أنجلوس تايمز”، ويتحدَّث بصورة منتظمة في أشهر البرامج الحوارية، كما حصل على عديد من الجوائز مثل: “صحفي الجريدة لمدة عامين من منظمة Amnesty”، ولديه عديد من الكتب التي تدور حول موضوعات الاكتئاب، والحرب على المخدرات، والنظام الملكي، وقدم أيضًا عديدًا من المحادثات حول مواضيع الإدمان، والاكتئاب والقلق على منصة TED. حققت أعماله أفضل المبيعات على مستوى العالم
وترجمت كتبه إلى ثمانٍ وثلاثين لغة، كما تحول كتابه الأول “ملاحقة الصرخة” إلى فيلم رُشح لجائزة الأوسكار، ووُضع كتابه الثاني “إخفاق التواصل” على قائمتي ساندي تايمز ونيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا، بالإضافة إلى تقديمه لقاء عن الإدمان والاكتئاب في TED Talks، شُوهد أكثر من 80 مليون مرة.
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري مقيم في بلغاريا، حاز إجازة جامعية في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، كانت بدايات عمله في الترجمة في سنة 1991، ترجم عديدًا من الكتب الإنجليزية المشهورة مثل: كتاب “فن اللامبالاة” لمارك مانسون، ورواية “1984” لجورج أورويل، وكتاب “سنة 501 الغزو مستمر” لنعوم تشومسكي.