الإنسان بين التخيير والتسيير
الإنسان بين التخيير والتسيير
إننا نصبح أسرى للقرآن بمجرد الاستماع إليه، فإذا بدأنا نتأمل في الكلمات فسوف تنفتح لنا كنوز من المعاني، ويناقش الكاتب كيفية تناول القرآن لبعض المشكلات الأزلية ومنها “الحرية”، إذ تعدُّ ثغرة كبيرة يدخل منها الشك ويتسلل منها الملحدون، فأول ما يقول الواحد منهم ليقيم الحُجة على الدين: “إذا كان الله قدَّر علينا أفعالنا، فلماذا يحاسبنا؟”، وقد أوصى النبي أصحابه بعدم الدخول في جدل في هذه النوعية من الأسئلة لأنها سوف تؤدي إلى متاهة يضيعون فيها.
وإذا نظرنا إلى العالَم بما فيه من أرض وسماوات نرى أنه يقوم على سلسلة محكمة من الأسباب والمسببات، فكل شيء في الدنيا يتحرك حسب قانون إلا الإنسان، فإنه يشعر أنه يمشي على كيفه، فالإنسان وحده هو المتمرد على طبيعته، ولهذا يصطدم بالعالم ويستحيل في أي لحظة أن يتنبأ أحد بمصيره، وأن رغبتنا تظل حرة ما دامت كامنة في الضمير والنية، فإذا بدأنا التنفيذ اصطدمنا بالقيود، وأول قيد نصطدم فيه هو جسدنا الذي يحاصرنا بالضرورات والحاجات، ويطالبنا بالطعام والشراب ليعيش ويستمر.
ويبقى بعد ذلك اللغز الأزلي فى علاقة حرية الإنسان بالإرادة الإلهية المطلقة، وهنا يأتي دور القرآن ليعطي لنا مفاتيح هذا الإشكال، ويقول القرآن في وضوح: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، فقد رفض الله أن يكره الناس على الإيمان وكان هذا في إمكانه، ولكنه أراد للإنسان أن يكون حرًّا مختارًا بين الإيمان والكفر.
الفكرة من كتاب القرآن محاولة لفهم عصري
“كل منا في حياته الخاصة.. من تفاوت المستويات التي يمكن أن يعيش فيها.. لا نقصد مستويات الدخل، وإنما نقصد شيئًا أعمق، نقصد المستويات الوجودية ذاتها”.. بأسلوب فلسفي عميق؛ يأخذنا الكاتب في جولة لمناقشة بعض القضايا المُحيرة مثل البعث والخلود والساعة والغيب والجنة والموت، وعلم الله الواسع وأسمائه وصفاته وقصة الخلق.
مؤلف كتاب القرآن محاولة لفهم عصري
مصطفى كمال محمود حسين، طبيب وكاتب مصري. وُلِدَ في الـ27 من ديسمبر عام 1921، وتوفي في الـ31 من أكتوبر عام 2009. درس الطب ولكنه تفرغ للكتابة والبحث.
ألَّف الكثير من الكتب التي تتراوح بين القصة والرواية الصغيرة إلى الكتب العلمية والفلسفية والاجتماعية والدينية، ومن أهم كتبه: “أينشتين والنسبية – التوراة – عصر القرود – حوار مع صديقي الملحد – المؤامرة الكبرى”.